تصفية المعارضة في تركيا وإقليم كوردستان قضائيا.. صدفة أم خطة؟

الدكتور شوان زنكنه

محكمةٌ في إسطنبول تقرّرُ، الثلاثاء، 2/9/2025، إبطالَ مؤتمر حزب الشعب الجمهوري في إسطنبول. وبموجب الحكم تمَّ عزلُ رئيس الحزب في إسطنبول “أوزغور تشيليك” مع كامل أعضاء إدارته، كما تقرّر تكليف هيئةٍ مؤقتة من خمسة أشخاص برئاسة “غورسيل تكين” لإدارة شؤون الحزب بالمدينة.. وسيتبعُ هذا القرار قرار آخر، في 15 أيلول، لمحكمةٍ أخرى تنظرُ في الدعوى الأساسية المُقامَة ضدّ حزب الشعب الجمهوري بتهمة الفساد في المؤتمر العام للحزب عام 2023م، والتي أتوقّعُ فيها أن تُبطَلَ نتائجُ المؤتمر، كلَّا أو جزءًا، وأن يُكلَّفَ “كمال كليجدار أوغلو” قَيُّومًا مؤقّتًا على الحزب، كرئيسٍ له، لحين انعقاد المؤتمر العام للحزب مجدّدًا.

هذه الضربةُ القضائيةُ على حزب الشعب الجمهوري، ستشقُّ الصفَ الداخلي للحزب، وستُحيِّدُ دورَ الحزب كمعارضٍ رئيسي في هذا الوقت الحسّاس، وفي ظلِّ التغييرات الجذرية المتوقَّعة في المنطقة، وستكتمُ صوتَه وتُلهِيهِ بمشاكله الداخلية، لِيبقَ الرئيسُ أردوغان لاعبًا أوحدًا في حلبة التغييرات الجذرية في الشرق الأوسط، وهو ما تمَّ التخطيطُ له، على ما يبدو، لكي تجريَ التغييراتُ بسلاسة تامّة، ودون ضجيج، خاصة وأنّ التغييراتِ ستمسُّ الأنظمةَ السياسية الحاكمة في المنطقة، وتُحدِّدُ أشكالَها، بصيغةٍ من صِيَغِ التقسيمِ، أو استقلاليةِ الإدارة والحكم.

وتزامنتْ مع هذه الضربة القضائية ضربتان قضائيتان في إقليم كوردستان، طالتَا “لاهور شيخ جنكي” و”شاسوار عبد الواحد”، وحزبيهما، ويبدو أن الهدفَ منهما هو نفس الهدفُ المُخطَّطُ له في تركيا: تكميمُ صوت المعارضة، وشقُّ صفِّه، وإلهاؤُه بمشاكله الداخلية، وفتحُ الطريق أمام السلطة الحاكمة، كقوةٍ وحيدةٍ، للتعامل السّلِسِ مع التغييرات الجديدة، وتَجْيِيرِ منافعِها ومكتسباتِها لصالحها، دون ضَجيجٍ، خاصّةً وأن المنطقةَ تتَّجِهُ نحو التقسيم المُمنهَج. ومن الجدير بالذكر، أن أُبيِّنَ، بهذا الصدد، أن الرياح لا تَهُبُّ بما تَشتَهيهِ سفنُ المعارضةِ، في تركيا وإقليم كوردستان، وهو، في اعتقادي، فرصةٌ ذهبيةٌ لصناعة معارضةٍ فَتيَّةٍ، رصينةٍ وواعيةٍ، تحملُ مشروعًا واضحَ المعالمِ، سَلِسًا، يفهمُه العامّةُ والخاصّةُ، قادرًا على مُجابَهة مُخطّطاتِ مَنْ يستهدفُ مصالحَ الأمّةِ، ويَرهنُها لدى مَنْ لا يَحملُ هَمَّها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى