العدوان الإسرائيلي على إيران

سرهد أحمد

 في خضم التوترات الإقليمية المتفاقمة، يبرز العدوان الإسرائيلي على إيران كمحطة خطيرة في مسار صراع النفوذ الذي يعصف بالشرق الأوسط.

هذا العدوان، الذي بدأ باستهداف منشآت نووية وعسكرية، ليس مجرد عمل عسكري محدود، بل هو تعبير صارخ عن استراتيجية إسرائيلية تهدف إلى إضعاف طهران وتقويض دورها الإقليمي، لكن وراء هذا العمل؛ حساباتٌ معقدة ومخاطر كارثية قد تعيد تشكيل المنطقة برمتها.

إسرائيل، بدعم ضمني من قوى غربية، وعلني من الولايات المتحدة الأمريكية، ترى في إيران تهديداً وجودياً، لا سيما مع تقدم برنامجها النووي؛ ونفوذها المتنامي في المنطقة.. هذا التصوّر المغذّى بسياسة (الضـربة الوقائية)، دفع (تل أبيب) إلى اعتماد نهج التصعيد العسكري، متجاهلة عواقب رد الفعل الإيراني.

فإيران؛ رغم ضغوط العقوبات الاقتصادية، تمتلك ترسانة عسكرية لا بأس بها، وقدرة على حشد حلفائها، مما يجعل المواجهة المباشرة الحالية معها؛ مغامرة غير محسوبة.

العدوان الإسرائيلي ليس فعلاً منعزلاً، بل جزء من حرب ظلت ممتدة تشمل هجمات سيبرانية وتجسس واغتيالات متبادلة، لكنه في هذه المرحلة يعكس تصلّباً في المواقف ينذر بانزلاق المنطقة نحو حرب شاملة.

إن الولايات المتحدة، مع دعمها الثابت لإسرائيل، تبدو مترددة في الانخراط في نزاع جديد؛ بالرغم من شنّها هجوماً على المفاعلات النووية الإيرانية الثلاثة، بينما الصين وروسيا، الحليفتان الاستراتيجيتان لطهران، قد تجدان في التصعيد فرصة لإضعاف الهيمنة الغربية.

في هذا السياق، يبرز السؤال الحاسم: هل يمكن احتواء هذا الصـراع قبل أن يتحول إلى كارثة إقليمية؟ الجواب يكمن في إحياء الدبلوماسية، وإعادة إيران إلى طاولـة التفاوض حول برنامجها النووي، مع ضمانات أمنية متبادلة.

قد يحقّق العدوان العسكري انتصارات تكتيكية، لكنه لا يعالج جذور الصـراع، وإن استمرار منطق القوة سيؤدّي حتماً إلى خراب يطال الجميع في منطقة لم تتعاف بعد من ويلات الحروب السابقة.

إن الشـرق الأوسط يقف اليوم على مفترق طرق؛ إما التفاوض والتعايش، أو التصعيد والدمار.. الخيار بيد صنّاع القرار، لكن التاريخ لن يسامح مثيري الفتن وتجار الحروب.

العدد ١٩٢ ǀ صيف ٢٠٢٥ ǀ السنة الثانية والعشرون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى