أثر الإيمان على الفرد في ضوء رسائل النور – دراسة تحليلية –
د. عبد اللطيف ياسين علي

محور هذا المقال هو أثر الإیمان على الفرد من خلال رسائل النور للعلامة بديع الزمان النورسي، لا سيما اليوم، حيث يئن الفرد تحت وطأة الحياة بما هو حق، وما هو مزعوم أو مفروض عليه. وقد وسم هذا العصـر بعصـر القلق والحروب النفسية، وحال هذا القلق بين البشـرية وحقيقة الإیمان، ورمی بها إلی مستنقع حيرة الشهوات والنزوات، بحيث ضاع تعريف البشـرية، وانحرفت عن طبيعتها الإنسانية إلی بهيمية لا تشبع ولا تقنع، وأصبح لكل شيء قيمته ومكانته، إلا الإنسان لم يعد له وجود أو تعريف.
أكد النورسي؛ وهو الرجل القرآني، أن الإنسان له مكانته، ويتمتع بالتكريم الإلهي الرفيع في ظلال الإیمان، وأن الإنسانية لا تجد تعريفها، ومكانتها اللائقة بها، إلا إذا دخل الإیمان الحقيقي والتحقيقي – على حد وصفه – إلی قلبها. وقد اختزل النورسي حكمته في أن الإیمان بالله وباليوم الآخر هو قمة التفسير لحقيقة الوجود الإنساني.
(إنقاذ الإیمان) كلمة أطلقها الشيخ بديع الزمان، قد يكون فهمها محدوداً آنذاك لأسباب كثيرة، ولكن اليوم أصبح لهذه الكلمة وقعها وأثرها ومردودها، كما يقول الله جل جلاله: [وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُم ْوَعَمِلُوا الصَّالِحَات ِلَيَسْتَخْلِفَنَّهُم ْفِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن ْقَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضـَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْـرِكُونَ بِي شَيْئًا]([1])، فالبشرية اليوم تحتاج إلی أمن وأمان داخلي (نفسـي) وخارجي (مجتمعي)، وهو الحلقة المفقودة اليوم، وبفقدان الإیمان، وعدم إنقاذه، يعمّ القلق، وينعدم الاستقرار، وتكون سمة المجتمعات البشرية هي القلق المفرط، كما هو الآن ، حيث اتّصفت به الحضارة الحديثة، وعرفت بحضارة القلق. إن الإنسان لا يعرف الطمأنينة والاستقرار والسكينة؛ وهي ربط الأمن والأمان داخل وخارج الإنسان، بعيداً عن الإیمان.
تعرّض العالم الإسلامي إلی الكثير من المحاولات الهدامة لتحجيم وتأطير مفهوم الإیمان، واختزاله في شعائر تعبدية ضيقة، مع أن مفهوم الإیمان هو بناء معماري تصوّري سلوكي لكل ما هو موجود حول الفرد. ومن ضمن هذه المحاولات اجتثاث مفهوم العمران، والخلافة، والتمكين، في أذهان المسلمين، وانشغالهم بأمور جزئية. ومن جملة تلك الإصلاحات النورية، هي تصويب هذا المفهوم.
الإیمان له في لغة العرب استعمالان: فكلمة الإیمان تارة تتعدى بنفسها، فيكون معناها التأمين، ومرة غير متعدية، ومعناها: صار ذا أمن. وآمنته ضد أخفته. وفي الكتاب العزيز: [وآمنهم من خوف]([2])، فالأمن ضد الخوف. وفي الحديث الشـريف: “النجوم أمنة السماء، فإذا ذهبت النجوم، أتى السماء ما توعد، وأنا أمنة لأصحابي، فإذا ذهبت، أتى أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمنة لأمتي، فإذا ذهب أصحابي، أتى الأمة ما توعد”([3]). قال ابن الأثير([4]): الأمنة في هذا الحديث جمع أمين، وهو الحافظ([5]). وقد لخصه صاحب كتاب اللسان:
1ـ الأمن ضدّ الخوف.
2 ـ الأمانة ضد الخيانة.
3 ـ الإیمان ضد الكفر.
4 – الإیمان: التصديق، ضده التكذيب، يقال: آمن به قوم، وكذَّب به قوم. فأمّا: آمنته، المتعدي، فهو ضدّ أخفته. وفي التنزيل العزيز: [آمنهم من خوف]([6]).
الإیمان اصطلاحاً: يقول الشيخ حافظ بن أحمد حكمي([7])، في معنى الإیمان اصطلاحا:” أما في الشريعة، فلإطلاقه حالتان([8]):
الحالة الأولى: أن يطلق على الأفراد غير مقترن بذكر الإسلام، فحينئذ يراد به الدين كله، كقوله -عز وجل -: [الله ولي الذين آمنوا، يخرجهم من الظلمات إلی النور]([9])…
الحالة الثانية: أن يطلق الإیمان مقروناً بالإسلام، وحينئذ يفسر بالاعتقادات الباطنة، كما في حديث جبريل هذا، وما في معناه، وكما في قول الله عز وجل: [والذين آمنوا وعملوا الصالحات]([10]).
وهو تصديق بالجنان، وإقرار باللسان، وعمل بالأركان، وإليه ذهب جمع كبير من علماء أهل السنة والجماعة، منهم “مالك والشافعي وأحمد والأوزاعي وإسحق بن راهوية، وسائر أهل الحديث وأهل المدينة – رحمهم الله – وأهل الظاهر”([11]).
الفرد ومفهومه:
لقد ظهر الفرد في اللغة العربية الكلاسيكية بمعنى (الوتر)([12])، والجمع: أفراد، وفرادى. والفَرْدُ ما كانَ وحده([13])، وَجَاء القومُ فُرادى، إِذا جَاءُوا وَاحِدًا بعد وَاحِد([14]).
الفرد اصطلاحاَ:
أما الفرد على وفق المنظور الأنثرو – سوسيولوجي؛ فيُعرف بشكل عام في هذا المجال استنادًا إلی علاقته بالمجتمع والجماعة، أو بوصفه الوحدة المرجعية الأساسية؛ سواء إليه بالذات، أم بالنسبة إلی المجتمع”([15]). يقول الشيخ النورسي في تعريف الفرد: “إﻥ ﺍﻟﻔﺮﺩَ ﺍﻟﺈﻧﺴﺎﻥ ﺟﻤﺎﻋﺔٌ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻜﻠَّﻔﻴﻦ، ﻭﻟﻜﻞ ﻓﺮﺩٍ ﻣﻦ ﺣﻮﺍﺳّﻪ -ﻇﺎﻫﺮﺍً ﻭﺑﺎﻃﻨﺎً- ﻋﺒﺎﺩﺓٌ ﺗﺨﺼُّﻪ، ﻭﺿﻠﺎﻟﺔٌ ﺗﻔﺴِّﻘُﻪ. ﻓﻜﻤﺎ ﺃﻥ ﺳﺠﺪﺓَ ﺍﻟﺮﺃﺱ ﻟﻐﻴﺮ ﺍﻟﻠّٰﻪ ﺿﻠﺎﻟﺔ، ﻛﺬﻟﻚ ﺳﺠﺪﺓُ ﺧﻴﺎﻝ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﺑﺎﻟﺤﻴﺮﺓ ﺍﻟﻤﻔﺮﻃﺔ ﻭﺍﻟﻤﺤﺒﺔ ﺍﻟﻮﺍﻟﻬﺔ ﻓﻲ ﻣﺪﺡ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻠّٰﻪ -ﻟﺎ ﺑﺤﺴﺎﺏ ﺍﻟﻠّٰﻪ- ﺿﻠﺎﻟﺔٌ ﺃﻳﻀـاً ﻳَﻔْﺴُﻖ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﺨﻴﺎﻝُ. ﻭﻗﺲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﻴﺎﻝ ﺇﺧﻮﺍﻧَﻪ”([16]).
الفرد عند النورسي:
أولاً: هو مناط التكليف؛ “ﻓﺎﻟﻔﺮﺩ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻪ ﻧﻈﺮ ﻋﺎﻡ، ﻭﺷﻌﻮﺭ ﻛُﻠﻲ، ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺼﻠﺢ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻤﺨﺎﻃﺐ ﻟﻠﺼﺎﻧﻊ ﺍﻟﺠﻤﻴﻞ ﻭﺍﻟﻤﺎﺛﻞ ﻓﻲ ﺣﻀﻮﺭﻩ، ﺫﻟﻚ ﻟﺄﻧّﻪ ﻳﺼـﺮﻑ ﻛﻞ ﻧﻈره ﺍﻟﻌﺎﻡ، ﻭﻋﻤﻮﻡ ﺷﻌﻮره ﺍﻟﻜﻠﻲ، ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﻌﺒّﺪ ﻟﺼﺎﻧﻌﻪ، ﻭﺇﻟﻰ ﺍﺳﺘﺤﺴﺎﻥ ﺻﻨﻌﺘﻪ ﻭﺗﻘﺪﻳﺮﻫﺎ، ﻭﺇﻟﻰ ﺷﻜﺮ ﺁﻟﺎﺋﻪ ﻭﻧﻌﻤﺎﺋﻪ.. ﻓﺒﺎﻟﺒﺪﺍﻫﺔ ﻳﻜﻮﻥ ﺫﻟﻚ”([17]).
ثانياً: يتمتع بموهبة عالية من التكريم، وقدرة العمران. “ﻓﻤﺎ ﺩﺍﻣﺖ ﻫﻨﺎﻙ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﻜﻤﺎﻟﺎﺕ، ﻭﻣﺎ ﺩﺍﻡ ﻛﻤﺎﻝُ ﺍﻟﺨﺎﻟﻖ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻭﺟﺪ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻤﺎﻝ، ﻫﻮ ﺛﺎﺑﺖ ﻭﻣﺤﻘَّﻖ، ﻭﻣﺎ ﺩﺍﻡ ﻛﻤﺎﻝ ﺍﻟﺈﻧﺴﺎﻥ – ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺃﻓﻀﻞ ﺛﻤﺮﺓ ﻟﻠﻜﻮﻥ، ﻭﺧﻠﻴﻔﺔُ ﺍﻟﻠّٰﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺄﺭﺽ، ﻭﺃﻛﺮﻡ ﻣﺼﻨﻮﻉ، ﻭﺃﺣﺐ ﻣﺨﻠﻮﻕ ﻟﻠﺨﺎﻟﻖ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ – ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺛﺎﺑﺘﺔ ﻣﺤﻘﻘﺔ ﺃﻳﻀﺎً”([18]).
ثالثاً: يتمتع بكل تلك المميزات، كونه داخل المجتمع. “ﺛﻢ ﺇﻥَّ ﻣﺎ ﻓﻲ ﺩﺍﺋﺮﺓ (ﺭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﻨﻮﺭ) ﻣﻦ ﻣﺸﺮﺏ ﺍﻟﺨﻠّﺔ، ﻭﻣﺴﻠﻚ ﺍﻟﺄﺧﻮّﺓ، ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺸـﺮﺏ ﺍﻟﺨﺎﻟﺺ، ﻭﺍﻟﻤﺴﻠﻚ ﺍﻟﻘﻮﻱ، ﺍﻟﺬﻱ ﻳُﻜﺴﺐ ﺍﻟﻔﺮﺩَ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﺃﺭﻭﺍﺣًﺎ ﻛﺜﻴﺮﺓ، ﻭﻳُﻈﻬﺮ ﺳﺮًﺍ ﻣﻦ ﺃﺳـﺮﺍﺭ ﺍﻟﺄﺧﻮّﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻭﺭﺛﻬﺎ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔُ ﺍﻟﻜﺮﺍﻡ ﻣﻦ ﻧﻮﺭ ﺍﻟﻨﺒﻮّﺓ، ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺸـﺮﺏ ﻟﺎ ﻳﺪﻉ ﺣﺎﺟﺔً ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺮﺷﺪ ﺍﻟﻮﺍﻟﺪ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ – ﻣﻊ ﺇﺿﺮﺍﺭٍ ﺑﻪ ﺑﺜﻠﺎﺙ ﺟﻬﺎﺕ-، ﺑﻞ ﻳﻮﺟِﺪ ﻟﻪ ﺑﺪﻟًﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺍﻟﺪ ﺍﻟﻤﺮﺷﺪ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ، ﺇﺧﻮﺍﻧًﺎ ﻛﺒﺎﺭًﺍ ﻛﺜﻴﺮﻳﻦ. ﻓﻠﺎ ﺷﻚ ﺃﻥَّ ﻣﺎ ﺗﺴﺒﻐﻪ ﺃﻧﻮﺍﻉُ ﺍﻟﺸﻔﻘﺔ ﺍﻟﻨﺎﺑﻌﺔ ﻣﻦ ﻗﻠﻮﺏ ﺇﺧﻮﺓ ﻛﺒﺎﺭ، ﻳﺴﻘﻂ ﻣﻦ قيمة ﺷﻔﻘﺔ ﺍﻟﻮﺍﻟﺪ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ”([19]).
رابعاً: رغم هذا التكريم إلا في المصلحة العامة، فالكفّة تعود إلی المجتمع. “ﺇﻟّﺎ ﺃﻧﻨﺎ ﻧﻌﻠﻢ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺼـﺮ ﻫﻮ ﻋﺼﺮ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺔ، ﻟﺎ ﺍﻟﻔﺮﺩ، ﻟﺄﻥ ﺍﻟﻔﺮﺩ ﻣﻬﻤﺎ ﺃﻭﺗﻲ ﻣﻦ ﺩﻫﺎﺀ -ﺑﻞ ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﻗﻮﺓ ﻣﺎﺋﺔ ﺩﺍﻫﻴﺔ- ﻭﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻤﺜﻠًﺎ ﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﻋﻈﻴﻤﺔ، ﻭﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻌﺒﺮﺍً ﻋﻦ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﻨﻮﻳﺔ ﻟﻬﺎ، ﻓﺈﻧﻪ ﻣﻐﻠﻮﺏ ﺃﻣﺎﻡ ﻗﻮﺓ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﻨﻮﻳﺔ ﻟﻠﺠﻤﺎﻋﺔ ﺍﻟﻤﻨﺎﻭﺋﺔ ﻟﻪ”([20]).
كليّات رسائل النور:
كليّات رسائل النور ألّفها بديع الزمان سعيد النورسي، تضمّ تسعة أجزاء، سجّل فيها الأستاذ النورسي كلّ ما استلهمه من نور القرآن الكريم من معاني الإیمان، وأملاها على محبّيه، في ظروف عسيرة، بقصد إنقاذ إيمان الناس في هذا العصـر العصيب، بإحياء معاني القرآن ومقاصده في النفوس والعقول والأرواح. “إن رسائل النور برهان باهر للقرآن الكريم، وتفسير قيّم له، وهي لمعة براقة من لمعات إعجازه المعنوي، ورشحة من رشحات ذلك البحر، وشعاع من تلك الشمس، وحقيقة ملهمة من كنز علم الحقيقة، وترجمة معنوية نابعة من فيوضاته”([21]). (الكلمات، المكتوبات، اللمعات، الشعاعات، إشارات الإعجاز في مظان الإيجاز، المثنوي العربي النوري، الملاحق، صيقل الإسلام، السيرة الذاتية).
أثر الإیمان على الإنسان:
تحمّل النورسي عناء المسؤولية الواقعة على عاتقه، وهي – على حد تعبيره – إنقاذ الإیمان، وذلك من خلال منهج واضح، يستند إلی معايير بيّنها الأستاذ أديب الدباغ، وهي ملامح هذا المنهج:
“وهذه المعرفة الإیمانية التي رسم (النورسي) ملامحها، وخطّ حدودها بثقة من فهمه لقوله تعالی: [سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق]([22])، فهو يرى – في ضوء هذه الآية العظيمة – أن ما من معرفة مما تتبادله العقول فيما بينها، إلا وترجع في أصولها الأولى إلی واحدة من المعارف الثلاث الآتية:
1_ معرفة كونية، تشمل علوم ما في السماوات والأرض، وما بينهما، وما تحت الثرى.
2- معرفة إنسانية، تشمل الكينونة الإنسانية، وكل ما يتعلق بالإنسان؛ فردًا ونوعاً، ظاهراً وباطناً.
3- معرفة إلهية، ترتبط بوجود الله تعالی، وبربوبيته، وشؤونه في خلقه.
وهذه المعارف الثلاث متلازمة يلازم بعضها بعضاً، ويسند بعضها بعضاً، ويدل بعضها على بعض، وهي في تعاشق دائم لا ينقطع، فليس ثمة معرفة متفردة ومستقلة ومنعزلة في هذا العالم”([23]).
هنا يبرز منهج النورسي في الحصول على المعرفة، وهو ما قد يكون مفقوداً في كثير من الخطابات الإسلامية، ولا نستبعد أن يكون هذا الفقد سبباً لغياب الحجة أو البيان القرآني على العباد. إذ لا نرى منهجاً، سواء أكان علمياً أم منهج العامة في تعريف الإنسان، إلا ويتناول علاقة الإنسان بالغيب، وما يغيب عنه من الأمور، كمسألة الخلق، ولماذا خلق؟ وما هي وظيفة الخلق؟ وكذا: ما هي العلاقة والروابط بينه وبين نفسه، وبين غيره من بني جلدته؟ وعلى أي أساس يتعامل معهم، وما هي دائرة معطياته؟ ومن الأسئلة الملحة على الإنسان: ما هيّة الكون، وما يخفيه من الأسرار والنظم والصيرورة… إلخ من الظواهر الكونية! فكل إنسان يصطدم مع هذه الأنواع من الأسئلة! وليس هذا غريباً على فيلسوف كالنورسي، أن ينظر إلی كل هذه الأسئلة والإجابة عنها كمصادر للمعرفة.
يعتبر الإیمان وتكامل الإنسان عند النورسي، محاولةً لتفسير القرآن الكريم من خلال الاتصال المباشر بالقرآن الكريم، هدفه وخز الضمير، وتحريك العقل والقلب؛ فقد ذكر خمس فوائد من بين آلاف محاسن الإیمان وفوائده، ولخّصها في خمس نقاط([24])، مستنبطة من قوله تعالی في سورة التين: [لَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان َفِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ، ثُم َّرَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ، إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ]([25]).
مكانة الإنسان عند النورسي:
الإنسان هو السيد والمحور الرئيس لكلام الله التكليفي، وذلك لوجود مقوّمات تؤهلّه لهذه السيادة: [إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَ أَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإنسان إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا]([26])، رغم كثرة أوجه التأويل في بيان هذه الآية، واختلاف أهل التأويل فيها، يبقى أمر مهم وهو الاستعدادت التي أودعها الله في الإنسان؛ من القدرة والتحمل والتفاعل والتعاطي مع هذه الأمانة، “ﺍﻟﺈﻧﺴﺎﻥ ﺳﻠﻄﺎﻥ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺎﺕ، ﻭﺳﻴﺪ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎﺕ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﺍﻟﻤﻌﻨﻮﻳﺔ ﻭﺍﻟﺄﺧﺮﻭﻳﺔ، ﺑﻤﺎ ﺃﻭﺩﻉ الله ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﻋﻠﻢٍ ﺑﻪ، ﻭﺍﻓﺘﻘﺎﺭ ﺇﻟﻴﻪ، ﻭﻗﻴﺎﻡ ﺑﻌﺒﺎﺩﺗﻪ. ﻓﻴﺎ ﻧﻔﺴﻲ! ﺇﻥ ﻛﻨﺖِ ﺗﺠﻌﻠﻴﻦ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻏﺎﻳﺔَ ﺍﻟﻤﻘﺼﺪ، ﻭﺃﻓﺮﻏﺖِ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻠﻬﺎ ﺟﻬﺪَﻙ، ﻓﺴﻮﻑ ﺗﻜﻮﻧﻴﻦ ﻓﻲ ﺣﻜﻢ ﺃﺻﻐﺮ ﻋﺼﻔﻮﺭ. ﺃﻣﺎ ﺇﻥ ﻛﻨﺖ ﺗﺠﻌﻠﻴﻦ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺄﺧﺮﻯ ﻏﺎﻳﺔ ﺍﻟﻤُﻨﻰ، ﻭﺗﺘﺨﺬﻳﻦ ﻫﺬه ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺳﻴﻠﺔً ﻟﻬﺎ ﻭﻣﺰﺭﻋﺔ، ﻭﺳﻌﻴﺖِ ﻟﻬﺎ ﺳﻌﻴﻬﺎ، ﻓﺴﻮﻑ ﺗﻜﻮﻧﻴﻦ ﻓﻲ ﺣﻜﻢ ﺳﻴّﺪِ ﺍﻟﺄﺣﻴﺎﺀ، ﻭﺍﻟﻌﺒﺪِ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ ﻟﺪﻯ ﺧﺎﻟﻘﻪ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ، ﻭﺳﺘﺼﺒﺤﻴﻦ ﺍﻟـﻀﻴﻒَ ﺍﻟﻤﻜﺮَّﻡ ﺍﻟﻔﺎﺿﻞ ﻓﻲ ﻫﺬه ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ. ﻓﺪﻭﻧﻚ ﻃﺮﻳﻘﺎﻥ ﺍﺛﻨﺎﻥ، ﻓﺎﺧﺘﺎﺭﻱ ﺃﻳّما ﺗﺸﺎﺋﻴﻦ، ﻭﺍﺳﺄﻟﻲ ﺍﻟﺮﺏَّ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ ﺍﻟﻬﺪﺍﻳﺔَ ﻭﺍﻟﺘﻮﻓﻴﻖ”([27]).
الإیمان وأثره على التصوّر، ورفع اليأس عن الإنسان:
بعد الثورة الصناعية، وثورة المعلومات والاتصالات، وما يسمّى اليوم بالسوشيال ميديا، دخل الإنسان مرحلة جديدة في عمره، مرحلة لم يمر بها على مرّ القرون؛ هذا الضغط الإعلامي المرئي والمسموع، جعل الإنسان إسيراً بين غرائزه ومطالب السوق العالمية؛ حيث استخفّ بقيمة الإنسان كإنسان، وازدادت تكلفة الحياة الافتراضية المصطنعة حوله، بحيث ضاعت إنسانية الإنسان بالشـره والإنفاق؛ فللإنسان مواقيت معينة للجوع والعطش، وكذلك لممارسة الجنس، ولكن الإعلانات التجارية والإفسادية جعلت الطعام والجنس مطلبين دائمين، حيث الإثارة لشهوة الأكل والجنس، والدعايات تعرض على مدار الساعات والأيام، حتى أصبح الوجه الحقيقي للحياة: الجنس، والطعام، هكذا بلا قيود، ودون النظر إلی الأوقات.
فالإنسان عند النورسي هو محور الحركة والاهتمام، “ﺇﻥ ﺍﻟﺈﻧﺴﺎﻥ ﺿﻌﻴﻒ، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻣﺼﺎﺋﺒُﻪ ﻛﺜﻴﺮﺓ، ﻭﻫﻮ ﻓﻘﻴﺮ، ﻭﻟﻜﻦ ﺣﺎﺟﺘﻪ ﻓﻲ ﺍﺯﺩﻳﺎﺩ، ﻭﻋﺎﺟﺰ ﺇﻟّﺎ ﺃﻥ ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ ﻋﻴﺸﻪ ﻣﺮﻫﻘﺔ، ﻓﺈﻥ ﻟﻢ ﻳﺘﻮﻛﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺈﻧﺴﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻠﻲ ﺍﻟﻘﺪﻳﺮ، ﻭﻟﻢ ﻳﺴﺘﻨﺪ ﺇﻟﻴﻪ، ﻭﺇﻥ ﻟﻢ ﻳﺴﻠّﻢ ﺍﻟﺄﻣﺮَ ﺇﻟﻴﻪ، ﻭﻟﻢ ﻳﻄﻤﺌﻦ ﺑﻪ، ﻓﺴﻴﻈﻞ ﻳﻘﺎﺳﻲ ﻓﻲ ﻭﺟﺪﺍﻧﻪ ﺁﻟﺎﻣﺎً ﺩﺍﺋﻤﺔ، ﻭﺗﺨﻨﻘُﻪ ﺣﺴﺮﺍﺗُﻪ ﻭﻛَﺪْﺣُﻪ ﺍﻟﻌﻘﻴﻢ، ﻓﺈﻣﺎ ﻳﺤﻮّﻟﻪ ﺇﻟﻰ ﻣﺠﺮﻡ ﻗﺬﺭ، ﺃﻭ ﺳﻜّﻴﺮ ﻋﺎﺑﺚ”([28]). وهذا ما نعايشه اليوم، فالإنسان في حسـرة دائمة، وقلق مستمر، وهو مهدور الإنسانية؛ وعندما يصل الإنسان إلی الإیمان الحقيقي بجميع أركانه، فإنه يكون في اطمئنان وثقة. يقول بديع الزمان: “إن ﺍﻟﻤﻮﺕ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﻄﻠﺴﻢ ﺍﻟﻘﺪﺳﻲ ﻳﻠﺒﺲ ﺻﻮﺭﺓ َﻓﺮﺱٍ ﻣﺴﺨّﺮ ﺑﺪﻟﺎً ﻋﻦ ﺍﻟﺄﺳﺪ، ﺑﻞ ﻳﺘﺨﺬ ﺻﻮﺭﺓ َﺑُﺮﺍﻕ ﻳُﺨﺮﺝ ﺍﻟﺈﻧﺴﺎﻥَ ﺍﻟﻤﺆﻣﻦ ﻣﻦ ﺳﺠﻦ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺇﻟﻰ ﺭﻭﺿﺔ ﺍﻟﺠﻨﺎﻥ، ﺇﻟﻰ ﺭﻭﺿﺔ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﺫﻱ ﺍﻟﺠﻠﺎﻝ. ﻭﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻜﺎﻣﻠﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻳﺤﺒّﻮﻥ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻭﻳﻄﻠﺒﻮﻧﻪ ﺣﻴﺚ ﺭﺃﻭﺍ ﺣﻘﻴﻘﺘَﻪ. ﺛﻢ ﺇﻥ ﺳﻴﺮ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﻭ ﻣﺮﻭﺭَﻩ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ، ﻭﻧﻔﻮﺫ َﺍﻟﺰﻭﺍﻝ ﻭﺍﻟﻔﺮﺍﻕ ﻭﺍﻟﻤﻮﺕ ﻭﺍﻟﻮﻓﺎﺓ ﻓﻴﻪ، ﻳﺘﺨﺬ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﻄﻠﺴﻢ ﺍﻟﺈﻳﻤﺎﻧﻲ ﺻﻮﺭﺓ ًﻭﺿّﺎﺀﺓ، ﺣﻴﺚ ﺗﺤﻔِّﺰ ﺍﻟﺈﻧﺴﺎﻥَ ﺇﻟﻰ ﺭﺅﻳﺔ ﺍﻟﺠِﺪَّﺓ ﺑﺘﺠﺪﺩ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ، ﺑﻞ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺒﻌﺚَ ﺍﻟﺘﺄﻣﻞ ﻓﻲ ﺃﻟﻮﺍﻥ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ﻭﺃﻧﻮﺍﻉ ﻣﺘﺒﺎﻳﻨﺔ، ﻟﻤﻌﺠﺰﺍﺕ ﺇﺑﺪﺍﻉ ﺍﻟﺨﺎﻟﻖ ﺫﻱ ﺍﻟﺠﻠﺎﻝ، ﻭﺧﻮﺍﺭﻕ ﻗﺪﺭﺗﻪ، ﻭﺗﺠﻠﻴﺎﺕ ﺭﺣﻤﺘﻪ – ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ -، ﻭﻣﺸﺎﻫﺪﺗﻬﺎ ﺑﺎﺳﺘﻤﺘﺎﻉ ﻭﺑﻬﺠﺔ ﻛﺎﻣﻠﻴﻦ. ﺑﻤﺜﻞ ﻣﺎ ﻳُﻀﻔﻲ ﺗﺒﺪُّﻝ ُﺍﻟﻤﺮﺍﻳﺎ ﺍﻟﻌﺎﻛﺴﺔ ﻟﺄﻟﻮﺍﻥ ﻧﻮﺭ ﺍﻟﺸﻤﺲ، ﻭﺗﻐﻴّﺮ ﺍﻟﺼﻮﺭ ﻓﻲ ﺷﺎﺷﺔ ﺍﻟﺴﻴﻨﻤﺎ، ﻣﻦ ﺟﻤﺎﻝ ﻭﺭﻭﻋﺔ ﺇﻟﻰ ﺗﻜﻮّﻥ ﺍﻟﻤﻨﺎﻇﺮ ﺍﻟﺠﺬﺍﺑﺔ ﻭﺗﺸﻜﻠﻬﺎ”([29]).
ومن جانب آخر، فإن من حكمة الله سبحانه أن خصّ الإنسان بالإیمان به، وهداه إلی طرق اكتساب هذا الإیمان بدءاً بالفطرة، إلی جميع تلك الآيات التي أشار إليها بديع الزمان. والإیمان – كما صوّره النورسي – هبة ربانية، وهو تفسير شامل لجميع مرافق الحياة، والكائنات الحية، والكون الفسيح، وما حول الإنسان، “ﻓﺄﺣﺐُّ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﺇﺫﻥ ﻫﻮ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻔﺮﺩ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﻧﻜﺸﻔﺖ ﺍﺳﺘﻌﺪﺍﺩﺍﺗُﻪ ﺍﻧﻜﺸﺎﻓﺎً ﺗاﻣﺎً، ﻓﺄﻇﻬﺮ ﺇﻇﻬﺎﺭﺍً ﻛﺎﻣﻠﺎً ﻧﻤﺎﺫﺝَ ﻛﻤﺎﻟﺎﺗﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﺍﻟﻤﻨﺘﺸﺮﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺼﻨﻮﻋﺎﺕ، ﻭﺍﻟﻤﺘﺠﻠﻴﺔ ﻓﻴﻬﺎ”([30]).
“ﺍﻋﻠﻢ ﺃﻥ ﺑﻤﻘﺪﺍﺭ ﺗﻮﺳّﻊ ﺗﺼـﺮّﻑ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺰﺋﻴﺎﺕ، ﻭﺗﺰﻳﻴﺪ ِﺍﻟﺄﻣﺜﺎﻝ، ﺗﺘﻘﻮﻯ ﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺑﺎﻟﻔﺮﺩ. ﻓﻠﺎ ﺗﻘﻞ: ﺃﻧﺎ ﻗﻄﺮﺓ ﻓﻲ ﺑﺤﺮ، ﻓﻴُﻨﺴﻴﻨﻲ ﺍﻟﺒﺤﺮُ. ﻛﻠﺎ! ﺑﻞ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﺷﺎﻫﺪٌ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻚ ﺑﻨﺴﺒﺔ ﻣﺤﺎﻃﻴﺘﻚ ﺑﻪ، ﻣﺤﻔﻮﻅ أﺑﺪﺍً ﺑﻨﻈﺎﻡ ﻗﻮﻱ ﻧﺎﻓﺬ ﺑﻘﻮﺗﻪ ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ ﺃﻣﺜﺎﻟﻚ”([31]).
ولمكانة الإنسان عند خالقه – سبحانه وتعالی – جعل الخطاب القرآني موجهاً إليه، ومبيّناً له، ومكرّماً؛ الإنسان محكوم بالفطرة بتصوّراته للحياة، فكيفما كان تصوّره كانت تصـرّفاته وسلوكه. ولأهمية هذا المبحث جاهد النورسي في تصحيح وتصويب وبناء رؤية حقيقة للإيمان، بعيداً عن الجدال الفلسفي والمتكلمين، رغم إحاطته بهذه العلوم. “ولعل السهولة التي وجدها سعيد النورسي في إثبات العقائد والحقائق الإیمانية، والصعوبة، بل الاستحالة في إنكارها ونفيها، هي التي صـرفته عن الاشتغال بإفراد مباحث مستقلة لها، أو معالجتها وشرحها معالجة وشـرحاً يوازي ما هو شائع في مباحث علم الكلام”.
“يكثر الشيخ النورسي من التذكير بجلال الله، وجماله، وإحسانه لعباده، وحكمته في خلقه وكماله، ليلفت نظرنا إلی التخلق بهذه الأخلاق، والتحلّي بمداليلها؛ فإنه لا يكفي أن نتعلم أن الله حكيم، ولا نبغي الحكمة ولا نتجللها، كما لا يكفي أن نعلم أن الله رحيم، ولا نرحمُ ولا نتراحم! وبهذا ربط الشيخ الإیمان بآثاره النفسية والواقعية، وأعاد وشائج القربى والتلاحم لجزئيات العقيدة، فأصبحت بذلك منتظمة من كلية، تهيمن وتجمع الأشتات. هذه غاية الجدة التي أغفلت منذ أزمنة سحيقة”([32]).
لكل هذا فقد شكل العنصـر العقدي في فكر النورسي مرتكزا رئيساً تدور عليه أغلب مباحثه واجتهاداته”([33]).
أثر الإیمان بالله واليوم الآخر عند النورسي:
ففي هذا المدخل إلی معرفة الإیمان في القرآن الكريم، وجدنا رؤية واضحة عن المؤمن وصفاته، والركن الأساس في هذا البناء التصوري والفكري والسلوكي: الإیمان بالله – سبحانه وتعالی – وبالرسل والرسالات والملائكة واليوم الآخر، والأصل فيها الإیمان بالله واليوم الآخر، والبقية تندرج تحت هذين الركنين، مع أن المتكلمين قسموا الإیمان إلی إلهيات ونبوات وسمعيات. و”إيمانهم بالغيب اقتضى إيمانهم بالقرآن، وبما أنزل الله من الكتب قبل القرآن، ولكنه أعاد ذكر الإیمان ها هنا على جهة التخصيص والتأكيد. وتصديق الواسطة – صلّى الله عليه وسلّم – في بعض ما أخبر، يوجب تصديقه في جميع ما أخبر، فإن دلالة صدقه تشهد على الإطلاق دون التخصيص، “وإنما أيقنوا بالآخرة لأنهم شهدوا على الغيب، فإن حارثة لما قال له رسول الله: كيف أصبحت؟ قال: أصبحت مؤمناً بالله حقاً، وكأني بأهل الجنة يتزاورون، وكأني بأهل النار يتعاوون، وكأني بعرش ربي بارزاً، فقال رسول الله – صلّى الله عليه وسلّم -: أصبت، فالزم”([34]).
وحقيقة اليقين التخلّص عن تردّد التخمين، والتقصـّي عن مجوّزات الظنون”([35])، و”عندها تفهم أن المؤمن يكسب حقاً خاصية تليق بالجنّة، كما أن الكافر يكتسب ماهيّة توافق جهنم. فما جوزي كل منهما بهذا الجزاء العادل، إلاّ لأن المؤمن يستعمل بإيمانه أمانة خالقه سبحانه باسمه، وضمن دائرة مرضاته، وأن الكافر يخون الأمانة، فيستعملها لهواه ولنفسه الأمارة بالسوء”([36]). وهذا هو المنهج الذي يسلكه الإمام النورسي في فهمه لمفهوم الإیمان، وكذا يأتي بالإیمان باليوم الآخر تابعاً للإيمان بالله – سبحانه وتعالی -، وهذا ما نراه في موضعه (الإیمان عند النورسي) بإذن الله تعالی.
والنقاش حول وجود الله، يشكل محوراً حيوياً في الفكر الإنساني. ونظرة متفحصة على النقاش الدائر في هذا الموضوع في كل من ساحة العلم والتكنولوجيا والدين، في عصـرنا هذا الذي يفخر بإنجازاته، تظهر لنا أن مثل هذا النقاش لن يزول ولن ينتهي، فهذه المسألة تحتل مركزاً رئيساً في نظرة الفكر الإنساني نحو العالم في جميع الأزمنة والأوقات، في الماضي والحاضر، وفي المستقبل أيضاً. “والنورسي حين سعى لإثبات وجود الله كحقيقة متعيّنة في الظاهر، عوّل على ذلك المفهوم العميق لمعنى الإثبات، الذي يخرجه عن الإطار السـردي المالك للأدلة والبراهين والشواهد، وما ينصبّ عادة في الكشف عن الغائب والمجهول والخفيف، ليعني الوقوف على حقيقة الموجود، أي الوقوف على ما هو أصلاً ثابت وحق وواقع بالفعل، ولا مجال لإنكاره مطلقاً. وحتى في هذا، فهو لا يريده وقوفاً مجرداً يصل فيه بالإثبات إلی منتهاه وغايته، بل يريده وقوفاً قلبياً مشعوراً به، بحيث يقول المثبت: أتيقن، وأعتقد، ولا يقول: أعلمه وأعرفه”([37]).
إن الإیمان باليوم الآخر – وهو الركن الثاني من الركنين الأساسيين للإيمان، – يحتل موقعاً أساسياً في القرآن الكريم، وفي الكتب التي تتناول العقيدة الإسلامية. وقد تكلم الفلاسفة والمتكلمون عن هذا البعد، وسمّوه بالسمعيات: “الرُّكْن الرَّابِع فِي السمعيات، ومداره على عشرَة أصُول، وَهِي: إِثْبَات الْحَشْـر والنشر، وسؤال مُنكر وَنَكِير، وَعَذَاب الْقَبْر، وَالْمِيزَان، والصـراط، وَخلق الْجنَّة وَالنَّار”([38]).. الحديث عن اليوم الآخر جزء من ذاكرة الفكر الإنساني في المجتمعات البشـرية، وقد تطرق إليه الفلاسفة والشعراء والأدباء، وبهذا كوّن قاموساً وثقافة، واستولى على رقعة كبيرة في التراث الإنساني، مع وجود إشكاليات داخل تلك الفلسفات بين الإثبات والنفي. وفي هذا يمتاز القرآن بالصورة المتكاملة لليوم الآخر في غاية الدقة والجمال الصوري، والتعبير بما يوافق استعدادات الإنسان الفطرية. وقد فصّل القول في هذا المجال الزمخشـري في (الكشاف)، وسيد قطب في كتابه (مشاهد القيامة في القرآن الكريم)، وفي ثنايا (في ظلال القرآن)، وطبعاً في قصص الرازي في تفسيره، وغيره من المتاخرين.
“وبالرغم من أنّ فكرة البعث بعد الموت كانت فكرة معروفة في الثقافة الإنسانية القديمة، إلاّ أن ّالتصوّر الذي جاء به الإسلام، في وضوحه وتفاصيله، من حين الموت إلی حين الاستقرار في دار الجزاء؛ ثواباً وعقاباً، قُوبل من أهل الجاهلية بإنكار شديد، إذ لم تستوعب العقول بعث الإنسان حيّاً بعد موته، وحسابه على أقوال وأعمال قد طوتها دهور من الزمن، وهو ما رواه القرآن الكريم في عدد كبير من آياته، وذلك مثلما جاء”[39]في قوله تعالی: [وَكَانُوا يَقُولُونَ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ]([40])، وفي قوله تعالی: [وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزق ٍإِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ]([41]).
كان للإيمان بالآخرة اهتمام كبير عند النورسي، لا باعتبار أنّ ذلك الإیمان ركن أساسي من أركان الدين، فذلك أمر معلوم من الدين بالضـرورة، لا يحتاج إلی واسع بيان، ولكن من حيث ما أولى هذه العقيدة من شرح، وما توسّع فيه من دعوة إليها، وما استجمع في شأنها من أدلّة، وما نوّع في بناء تلك الأدلّة، فقد بلغ ذلك في مؤلّفاته، وفي منهجية النورسي في الاستدلال على الحياة الآخرة، في مواعظه وتوجيهاته، مبلغاً يلفت انتباه الدارس لتراثه، إذ ما خصّصه في ذلك من حجم البيانات والاستدلالات فاق ما خصّصه لسائر مسائل العقيدة الأخرى”([42]).
ويقول النورسي: “إن كنت ترغب أن تفهم كيف أن الإیمان بالله وباليوم الآخر، أثمن مفتاحين يحلاّن لروح البشـر طلسم الكون ولغزه، ويفتحان أمامها باب السعادة والهناء.. وكيف أن توكّل الإنسان على خالقه صابراً، والرجاء من رزّاقه شاكراً، أنفع علاجين ناجعين.. وأن الإنصات إلی القرآن الكريم، والانقياد لحكمه، وأداء الصلوات، وترك الكبائر، أغلى زاد للآخرة، وأسطع نور للقبر، وأيسـر تذكرة مرور في رحلة الخلود.. أجل! إن كنت تريد أن تفهم هذه الأمور كلها، فأنصت معي إلی هذه الحكاية التمثيلية القصيرة”([43]).. ثم عن طريق هذه الحكاية التمثيلية هنا، يقرّب هذه الحقيقة السامية من العقل والقبول.
ومن جانب ثان، فقد طال الكلام عن مسألة الحشـر واليوم الآخر، من حيث الإمكان والوقوع، منذ القدم.. فالإمام الفخر الرازي يقول في هذا الشأن: إنَّ “مَسْأَلَةَ الْحَشْـرِ وَالنَّشْرِ مِنَ الْمَسَائِلِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي صِحَّةِ الدِّينِ، وَالْبَحْثُ عَنْ هَذهِ الْمَسْأَلَةِ إِمَّا أَنْ يَقَعَ عَنْ إِمْكَانِهَا أَوْ عَنْ وُقُوعِهَا، أَمَّا الْإِمْكَانُ فَيَجُوزُ إِثْبَاتُهُ تَارَةً بِالْعَقْلِ، وَبِالنَّقْلِ أُخْرَى؛ وَأَمَّا الْوُقُوعُ فَلَا سَبِيلَ إِلَيْهِ إِلَّا بِالنَّقْلِ”([44]). ولكن الجديد هنا عند الإمام النورسي، هو تخصيص الكلمة العاشرة ضمن كتاب الكلمات، وسمّاها بـ”رسالة الحشـر”، والتي تقرب من ثمانين صفحة، لإثبات الحشـر، الذي هو المفتاح للأمور المتعلّقة باليوم الآخر، وأثبت من خلالها الوقوع والإمكان بالعقل، فضلاً عن النقل، وقد اعتبر هذا من فضل القرآن وفيضه لا غير، إذ قال: “فإن فلاسفة دهاة – أمثال ابن سينا – قد قالوا: الحشـر ليس على مقاييس عقلية، أي: نؤمن به فحسب، إذ لا يمكن سلوك سبيله، وسبر غوره بالعقل”. وكذلك اتفق علماء الإسلام بأن قضية الحشـر قضية نقلية، أي أن أدلتها نقلية، ولا يمكن الوصول إليها عقلاً. لذا، فإن سبيلاً غائراً، وطريقاً عالياً سامياً، في الوقت نفسه، لا يمكن أن يكون بسهولة طريق عام يمكن أن يسلكه كل سالك. ولكن بفيض القرآن الكريم، وبرحمة الخالق الرحيم، قد مُنَّ علينا السير في هذا الطريق الرفيع العميق، في هذا العصـر الذي تحطّم فيه التقليد، وفسد الإذعان والتسليم، فما علينا اِلاّ تقديم آلاف الشكر إلی الباري – عز وجل – على إحسانه العميم، وفضله العظيم، إذ إن هذا القدر يكفي لإنقاذ إيماننا وسلامته، فلا بد أن نرضى بمقدار فهمنا، ونزيده بتكرار المطالعة.
هذا، وإن أحد أسرار عدم الوصول إلی مسألة الحشر عقلاً، هو أن الحشـر الأعظم هو من تجلّي (الاسم الأعظم)، لذا فإن رؤية وإراءة الأفعال العظيمة الصادرة من تجلّي الاسم الأعظم، ومن تجلّي المرتبة العظمى لكل اسم من الأسماء الحسنى، هي التي تجعل إثبات الحشـر الأعظم سهلاً هيّناً وقاطعاً، كإثبات الربيع وثبوته، والذي يؤدّي إلی الإذعان القطعي، والإیمان الحقيقي.
وعلى هذه الصورة، توضّح الحشـر وتبيّن في هذه (الكلمة العاشرة) بفيض القرآن الكريم، واِلاّ فلو اعتمد العقل على مقاييسه الكليلة، لظلّ عاجزاً مضطراً إلی التقليد”([45]). وذلك بالإضافة إلی مواضع أخرى كثيرة يستغرق كلّ منها عدداً من الصفحات، ومع ذلك لا تخلو الرسائل الأخرى من رسائل النور من إيراد لعقيدة البعث، إما في مقام شرح وبيان، أو في مورد نُصـرة واستدلال، أو في موضع إرشاد وعظة، أو في سياق تفنيد لشبه واعتراضات واردة، بحيث يتأكّد من كل ّذلك أن ّهذه العقيدة كانت تحتلّ في تفكيره العقدي مكانة مرموقة، قد لاتضاهيه أيّة مسألة عقدية أخرى”([46]).
الخاتمة:
بعد خوض هذه الرحلة، وبعد الاستقراء والتحليل لنصوص رسائل النور، وقراءة الأفكار التي نبعت من هذا المنهل الثري، وصلنا إلی جملة من الأمور، نجملها في الآتي:
- الإیمان هو القوة الوحيدة القادرة على تحمّل وتقبّل واستيعاب كل التحديات المادية الفتاكة الموجهة إلی أبناء العصـر من الحضارة الحديثة، ومواجهتها والصمود أمامها، حيث يترك هذا الإیمان بصماته على تحسين سلوك الفرد والمجتمع برمته.
- الإیمان بالله هو مفتاح معرفة هذا الوجود وتفسيره، وكذلك الركن والأساس الثاني وهو الإیمان باليوم الآخر هو اللبنة التي تحقق لهذا الوجود جماله ودقته، وتظهر لنا العدل الإلهي في أبهى صوره. ومن هنا، كان من الواجب إدخال تلك المفاهيم في المناهج الدراسية، وتربية الجيل الجديد عليها.
- الإنسان مكرّم، ومودع أسـرار الحكمة الإلهية، فالإنسان إذا لم يتلق تلك الأسرار والمفاهيم بروح مؤمنة، انقلبت عليه وجعلته في أسفل السافلين. وتتحقق سيادة الإنسان، ومفهوم الخلافة له، إذا ما حمل الأمانة الملقاة عليه على وجهها الصحيح، وبالمعيار القرآني، وإلا جلب على الإنسانية الهوان والدمار.
- رؤية النورسي للإيمان اتسمت بالسهولة واليسر والبساطة، بدون أن يخل هذا بالعمق الفكري والتعويل الاستدلالي الفلسفي والأصولي، ورسائل النور هي إحدى المعاقل المؤثرة والمهمة لاستيعاب أسئلة العصـر والمستجدات الفكرية، ولديها العدة لمواجهة متطلبات إنسان العصـر ورسم الخطى للوصول إلی السعادة، وهذا هو الأثر المجني من الإیمان والدخول في كنف الأركان الإیمانية وحقائقها.
- على الرغم من كل ما يملكه الفكر الغربي وحضارته المادية من الهيمنة العسكرية والإعلامية والاقتصادية والفكرية، فهو لا يصمد أمام عمق مفاهيم (رسائل النور)، وخطاباتها العقلية والوجدانية والقلبية، فهي تجمع – في آن واحد – بين العقل والقلب، وهذا ما يفقده الإنسان المعاصـر، بل غالباً ما لا نلاحظه في الخطابات الدعوية والفكرية في العصـر الحديث لدى المسلمين وغيرهم. فالغرب – مع ما كل التطور والازدهار المادي – إلا أن القلق والأمراض النفسية طغت على حضارته، مما أدى إلی دمار الإنسانية بسببها، ومع أنه حارب الإیمان بمنطق المادية، ولكن المادية عجزت في الختام عن أداء وظيفتها، وأن تحل محل الإیمان.
- لا بد من العودة إلی تلك المفاهيم الإیمانية التي طرحها الشيخ النورسي، ورسم طريقها وفق لغة العصـر، وحسب متطلبات إنسان هذا العصـر، ومن هنا نحصّن الفرد – والمجتمع بالتبع – ضد القلق والعنف الفكري، ونجعله فرداً يترك أثره الإيجابي على نفسه ومجتمعه. والدول التي سلكت هذا المسلك، هي أبعد المجتمعات عن القلق والعنف.
- للأمور المادية، وعالم الشهادة والمادة، معاييرها، وللغيب وعالمه معاييره، والخلط بينهما يوقع الإنسان في متاهات كثيرة وكبيرة ومدمرة. لذا، من الأهمية ضبط وبيان تلك المعايير، وإحسان التصرف معها، وفهمها، وبيانها.
المصادر والمراجع:
- الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان: محمد بن حبان بن أحمد بن حبان بن معاذ بن مَعْبدَ، التميمي، أبو حاتم، الدارمي، البُستي (المتوفى: 354هـ)، ترتيب: الأمير علاء الدين علي بن بلبان الفارسي (المتوفى: 739 هـ)، حققه وخرج أحاديثه وعلق عليه: شعيب الأرنؤوط: مؤسسة الرسالة، بيروت ط: الأولى، 1408 هـ – 1988 م.
- البرهان المؤيد، أحمد بن علي بن ثابت الرفاعي الحسيني، دار الكتاب النفيس – بيروت، ط الأولى، 1408، ت: عبد الغني نكه مي.
- البعد الإیماني في فكر سعيد النورسي، د. الشفيع الماحي أحمد، مجلة الشرعية والدراسات الإسلامية – شعبان 1420هـ = ديسمبر1999م – العدد 39 بتصرف.
- التجديد العقدي عند النورسي، د. الحسين آيت سعيد، أستاذ السنة وعلومها، بكلية الأداب بمراكش. ندوة الرباط – جهود النورسي التجديدية – المغرب 1999.
- التقفية في اللغة، أبو بشر، اليمان بن أبي اليمان البَندنيجي، (المتوفى: 284 هـ)، ت: د. خليل إبراهيم العطية، الجمهورية العراقية – وزارة الأوقاف – إحياء التراث الإسلامي – مطبعة العاني – بغداد، 1976 م.
- جامع الأصول في أحاديث الرسول، المؤلف: مجد الدين أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد بن محمد ابن عبد الكريم الشيباني الجزري ابن الأثير (المتوفى: 606هـ) ت: عبد القادر الأرنؤوط – التتمة تحقيق: بشير عيون، مكتبة الحلواني – مطبعة الملاح – مكتبة دار البيان ط الأولى.
- جمهرة اللغة، ت: رمزي منير بعلبكي، دار العلم للملايين، 1987م، بيروت.
- روح الحداثة: المدخل إلی تأسيس الحداثة الإسلامية، طه عبد الرحمان، المركز الثقافي العربي، 2006م.
- شرح العقيدة الطحاوية، علي بن علي بن محمد بن أبي العز الحنفي (المتوفى: 792هـ)، ت : جماعة من العلماء ، تخريج : ناصر الدين الألباني، دار السلام للطباعة والنشر التوزيع والترجمة (عن مطبوعة المكتب الإسلامي)، الطبعة المصرية الأولى 1426هـ – 2005م.
- العين، الخليل بن أحمد الفراهيدي، سنة الولادة 100هـ / سنة الوفاة 175هـ ت: د مهدي المخزومي / د إبراهيم السامرائي، دار ومكتبة الهلال.
- قواعد العقائد، أبو حامد الغزالي، سنة الولادة / سنة الوفاة 505هـ، ت: موسى محمد علي، عالم الكتب، 1405هـ – 1985م، لبنان.
- كليات رسائل النور، الكلمات، بديع الزمان سعيد النورسي، ترجمة: إحسان قاسم الصالحي، دار سوزلر للنشر، ط السادسة، 2011م.
- لسان العرب، محمد بن مكرم بن علي، أبو الفضل، جمال الدين ابن منظور الأنصاري الرويفعي الإفريقي (المتوفى: 711هـ)، دار صادر – بيروت، ط 3، 1414 هـ.
- لطائف الإشارات = تفسير القشيري، عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك القشيري (المتوفى: 465هـ)، ت: إبراهيم البسيوني، الهيئة المصرية العامة للكتاب – مصـر.
- المثنوي العربي النوري، بديع الزمان سعيد النورسي، ترجمة: إحسان قاسم الصالحي، دار سوزلر للنشر، ط السادسة، 2011م.
- مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، للحافظ نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي (المتوفى سنة 807)، بتحرير الحافظين الجليلين: العراقي وابن حجر، التدقيق الثاني بالمقابلة مع طبعة دار الفكر، بيروت، طبعة 1412 هـ، الموافق 1992 ميلادي.
- مطارحات في المعرفة الإیمانية عند النورسي، أديب إبراهيم الدباغ، ط1، القاهرة: مركز الكتاب للنشر، 1417هـ – 1997م.
- معارج القبول بشرح سلّم الوصول إلی علم الأصول، حافظ بن أحمد بن علي الحكمي (المتوفى: 1377هـ)، ت: عمر بن محمود أبو عمر، دار ابن القيم – الدمام، ط الأولى، 1410 هـ – 1990 م.
- مفاتيح الغيب = التفسير الكبير، أبو عبد الله محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي الرازي الملقب بفخر الدين الرازي خطيب الري (المتوفى: 606هـ)، دار إحياء التراث العربي – بيروت، ط: الثالثة – 1420 هـ.
- كليات رسائل النور، الملاحق، بديع الزمان سعيد النورسي، ترجمة: إحسان قاسم الصالحي، دار سوزلر للنشر، ط السادسة، 2011م.
- منهجية النورسي في الاستدلال على الحياة الآخرة، أ.د. عبدالمجيد النجار، مجلة النور للدراسات الفكرية والحضارية، تصدر عن مؤسسة إسطنبول للثقافة والعلوم، 2013، العدد 7.
- نظرة سعيد النورسي حول الإیمان بوجود الله، د. امتياز يوسف.
- النهاية في غريب الحديث والأثر، أبو السعادات المبارك بن محمدالجزري (المتوفى سنة 606 ه)، ت: طاهر أحمد الزاوي – محمود محمد الطناحي، المكتبة العلمية، 1399هـ – 1979م، بيروت.
[1]– سورة النور: الآية 55.
[2]– سورة قريش”الآية5.
[3]– صحيح ابن حبان – محققا (16/ 234).
[4]– ابن الأثير : مجد الدين أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد الشيباني الجزري، ولد سنة 544 ه- في جزيرة ابن عمر – بلدة فوق الموصل – وقد جمع بين علم العربية والقرآن والحديث والفقه، وصنف تصانيف مفيدة من أشهرها (جامع الأصول)، و(النهاية في غريب الحديث). توفي في الموصل سنة 606 هـ- انظر: مقدمة جامع الأصول للشيخ عبد القادر الأرناؤط.
[5] – النهاية في غريب الحديث والأثر 1/69 – 71.
[6] – لسان العرب: 13|21.
[7] – هو الشيخ حافظ بن أحمد الحكمي، أحد علماء أهل السنة والجماعة، وأحد أعلام شبه الجزيرة العربية. ينتسب إلى قبيلة حكم المعروفة، والتي تتمركز في المخلاف السليماني، وتعود أصولهم إلى الحكم، أحد أبناء سعد العشيرة، وهو أحد أجداد العرب القحطانية. و”حافظ” هو اسمه، وليس المصطلح الحديثي المعروف (نسبة إلى الحديث النبوي). ولد في قرية السلام، المسماة حالياً بالخمس، التابعة لمدينة المضايا بجنوب منطقة جازان جنوبي المملكة العربية السعودية، في 24 رمضان سنة 1342 هـ، وتوفي بعد أدائه مناسك الحج في مكة يوم 18 من ذي الحجة سنة 1377 هـ، عن عمر يبلغ 35 عاماً. المصدر http://ar.wikipedia.org/wiki/
[8] – معارج القبول بشـرح سلم الوصول إلى علم الأصول في التوحيد، للشيخ حافظ بن أحمد الحكمي، 2/ 595.
[9] – سورة البقرة : 257.
[10] – سورة النساء : 57.
[11] – شرح الطحاوية – ط دار السلام (ص: 332).
[12] – التقفية في اللغة (ص: 376).
[13] – العين (8/ 24).
[14] – جمهرة اللغة (2/ 635).
[15] – http://www.saqya.com د. علاء جواد، تطور مفهوم الفرد.
[16] – المثنوي العربي النوري – 320.
[17] – الكلمات – 253.
[18] – الشعاعات – 183.
[19] – اللّمعات – 393.
[20] – المكتوبات – 559.
[21] – ملحق قسطموني ( 220 ).
[22] – سورة فصلت: الآية 52 .
[23] – مطارحات في المعرفة الإيمانية عندالنورسي، أديب إبراهيم الدباغ، ط1، القاهرة: مركز الكتاب للنشر، 1417هـ – 1997م، ص 41.
[24] – الكلمات النورسي ص: 348-374.
[25] – سورة التين: الآية 4 – 6.
[26] – سورة الأحزاب: الآية 72.
[27] – الكلمات ص 20.
[28] – الكلمات – 24.
[29]– الكلمات – 28.
[30] – الكلمات – 672.
[31] – المثنوي العربي النوري – 284.
[32] – التجديد العقدي عند النورسي، د. الحسين آيت سعيد، أستاذ السنة وعلومها، بكلية الأداب بمراكش. ندوة الرباط – جهود النورسي التجديدية – المغرب 1999.
[33] – معالم إيمانية أو البعد العقدي في فكر النورسي، د. الشفيع الماحي أحمد، ص7.
[34] – الحديث أورده ابن حجر في الإصابة (174/ 175) قال البيهقي: هذا منكر، وقد خبط فيه يوسف بن عطية الصفار، وهو ضعيف جداً. وهكذا ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (1/ 57)، وقال: رواه البزار، وفيه يوسف بن عطية لا يحتج به..
[35] – لطائف الإشارات = تفسير القشيري (1/ 58).
[36] – الكلمات، سعيد النورسي ص: 24.
[37] – البُعدُ العَقَدي في فكر النورسي، الدكتور الشفيع الماحي أحمد، جامعة الملك سعود- الرياض، ص 5.
[38] – قواعدالعقائد (ص: 146).
[39] – منهجية النورسي في الاستدلال على الحياة الآخرة، أ.د. عبدالمجيد النجار، مجلة النور للدراسات الفكرية والحضارية، تصدر عن مؤسسة إسطنبول للثقافة والعلوم، يناير 2013، العدد 7، ص 7.
[40] – سورة الواقعة: الآية 47.
[41] -سورة سبأ: الآية 7.
[42] – منهجية النورسي في الاستدلال على الحياة الآخرة، أ.د. عبدالمجيد النجار، مجلة النور للدراسات الفكرية والحضارية، تصدر عن مؤسسة إسطنبول للثقافة والعلوم، يناير 2013، العدد 7، ص 7.
[43] – الكلمات: سعيد النورسي ص: 26.
[44] – تفسيرالرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير (2/ 353).
[45]. الكلمات : 99.
[46] – منهجية النورسي في الاستدلال على الحياة الآخرة، أ.د. عبدالمجيد النجار، مجلة النور للدراسات الفكرية والحضارية، تصدر عن مؤسسة إسطنبول للثقافة والعلوم، يناير 2013، العدد 7، ص 7.
العدد ١٩٢ ǀ صيف ٢٠٢٥ ǀ السنة الثانية والعشرون