معارض الكتب
صلاح سعيد أمين

إقامة معارض الكتب في أي بلد أو أي مدينة دليل ملموس على حيوية هذه الخارطة الجغرافية أو المنطقة التي تفتتح فيها تلك المعارض. فمهما كان تأثير الفضاء الإلكتروني والعالم الرقمي في عالمنا اليوم، ولكن الكتب والمطبوعات الورقية عموماً ستبقى حاضرة لدى كل من يحب القراءة ويغذّي ذهنه يومياً بالقراءة والمطالعة. فالكتب الورقية لن تفقد هيبتها مهما تقدمت التقنيات وتوسّع العالم الرقمي، وهناك لذة خاصة في تصفح الأوراق ولمس الأغلفة، لا تشعر بها في شاشات الأجهزة الذكية، التي أتاحت الفرصة للقراءة والمطالعة بكلفة قليلة جداً.
ومن هنا نفهم ظاهرة الإقبال الكبير على زيارة معارض الكتب، وهذه الحقيقة تتجلّى في أن إقليم كوردستان العراق – الذي شهد قبل أيّام إقامة المعرض الدولي السادس للكتاب في السليمانية – يمرّ بمرحلة اقتصادية صعبة، بالرغم من تأخير توزيع الرواتب والمستحقات في وقتها المحدّد.
ومن هنا، على المشـرفين على معارض الكتب، أن يأخذوا بنظر الاعتبار ملاحظتين أساسيتين على الأقل:
1- عليهم أن يبتعدوا كل البعد عن منطق التجارة والربح الاقتصادي، وأن يركزوا ويستغلوا معارضهم من أجل التنمية والاهتمام بالربح الثقافي، من خلال الكتب التي تعرض على رفوف معارضهم، وهذا يقتضـي أن تكون أسعار الكتب مناسبة، وأن تكون في مستوى الوضع الاقتصادي للزوار، وعليهم ألّا يسمحوا باستغلال بعض (التجار) الذين يترقّبون شراء الكتب بالأسعار المخفضة لصالح مكتباتهم خارج المعارض!
2- يجب أن يفرض على دور النشـر المشاركة في المعارض؛ أن تأتي بعناوين ومراجع ومصادر جديدة غير موجودة في السوق المحلية، وعلى المشـرفين أيضاً أن يوفروا للزوار ما لا يوجد في أسواق بلدانهم من المراجع والمصادر، وأن يغذّوا الأوساط الثقافية بما تحتاجه من المصادر الأكاديمية، وإلا فإنّ عرض الكتب المتوفرة في مكاتب المدينة؛ يُعَدّ تقليلاً من أهميّة المعارض. إن الاهتمام بهاتين الملاحظتين، على الأقل، يغطّي ملاحظات ثانوية أخرى بشأن معارض الكتب، التي من دونها تكاد تفرغ من المحتوى الذي يأمل أن يحققه ذلك الحدث الثقافي هنا وهناك.
مجلة الحوار ǁ العدد 190 ǀ السنة الثانية والعشرون ǀ شتاء 2024