زيارة الشرع إلى أمريكا
د. شوان زنگنه

أجرى الرئيس السوري المؤقت، أحمد الشرع، زيارة مبرمجة إلى أمريكا، بدعوة خاصة من الرئيس الأمريكي ترامب، وذلك بتاريخ 8/11/2025، والتقى الرئيس ترامب يوم الإثنين، الموافق 10/11/2025، واستغرق الاجتماع الذي حضره كل من نائب الرئيس الأمريكي دي فانس، ووزير الخارجية الأمريكي، روبيو، ووزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، إلى جانب الرئيسين، لأكثر من ساعة واحدة.
وكانت جعبة المحادثات بين الرئيسين معبئة بأربعة محاور، حسب توقُّع المراقبين:
1- اتفاقية أمنية مع إسرائيل، كمرحلة أولى للسلام والتطبيع.
2- انخراط حكومة الشرع في التحالف الدولي ضد داعش.
3- دمج قوات سوريا الديمقراطية بالجيش السوري، وفق اتفاقية 10 آذار.
4- رفع الحصار عن سوريا، ودعم تنميتها.
وجاءت نتائج هذا الاجتماع، المهم للغاية، وفق توقّعات المراقبين، تمامًا، إذ صرّحَ وزير الإعلام السوري بأن دمشق وقَّعتْ إعلانَ تعاونٍ سياسي مع التحالف الدولي لهزيمة داعش، وأعلنت وزارة الخارجية السورية ما يلي:
* الرئيس ترمب أكد التزام الولايات المتحدة بالمضي في رفع العقوبات المفروضة بموجب قانون قيصر.
* الجانبُ الأمريكي أكّد دعمَه للتوصل إلى اتفاقٍ أمني مع إسرائيل بهدف تعزيز الاستقرار الإقليمي.
* الجانبان اتفقا على المضي في اتفاق 10 مارس بما يشمل دمج قوات سوريا الديمقراطية بالجيش السوري.
ويبدو أن التوقيع الوحيد بين الطرفين كان على الاتفاق بانخراط حكومة الشرع في التحالف الدولي ضد داعش، وهو أمر منطقي ومُتوقَّع، لأن هيئة تحرير الشام بقيادة الشرع كانت قد تعاونت مع قوات التحالف الدولي في الحرب على داعش منذ أن بدأ التحالفُ مهمتَه في سوريا، ناهيك عن أنه كان هناك صراعٌ مريرٌ بين جبهة النصرة التي أسسها الجولاني (الشرع)، وتنظيم داعش، منذ تأسيس تنظيم الدولة.. إلا أن وزير الإعلام السوري، حمزة المصطفى، قال: “إن الاتفاق المُوقَّعَ بين سوريا والتحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش هو اتفاقٌ سياسي بحت، ولا يتضمن في هذه المرحلة أيّ مكونات أو التزامات عسكرية.. وهو تصريح غريب، وغير مفهوم، ولا معنى له في حقيقة الواقع، ويبدو أنه صدر تحت ضغطٍ تركيٍّ معارضٍ لاشتراك قوات سوريا الديمقراطية مع قوات الشرع في الحرب ضد داعش.
أما رفعُ الحصار عن سوريا (عقوبات قيصر)، فقد بذلت إدارةُ ترامب جهودًا استثنائية بشأنه، ويبدو أن ترامب، في هذا الاجتماع، قد وعدَ الشرعَ، وقدّم له الضمانات بخصوص التنمية والاستثمار في سوريا، والاستمرار في رفع العقوبات والعوائق التي كانت قد فرضت عليها.
وكما كان مُتوقَّعًا، فإنه لم يتمّ التوقيعُ على اتفاقية سلام بين سوريا وإسرائيل، لأسباب عديدة، منها، وجود معارضة شديدة داخل الفصائل المسلحة، والموقف السعودي المتريّث من التطبيع، وشروط إسرائيل القاسية، وخاصة تلك المتعلِّقة بالمنطقة الجنوبية المنزوعة من السلاح، ووضع الدروز فيها، وغيرها.. إلا أن إعلان وزارة الخارجية بهذا الشأن يشير إلى جهود أمريكية مبذولة لإعداد اتفاق أمني بين الطرفين، والذي سيكون أساساً لاتفاقية سلام بينهما في المدى المنظور.
أما اتفاقية 10 آذار، فالإدارة الأمريكية قد سرّبتْ صيغةَ اتفاقٍ أمنيٍّ بين قوات سوريا الديمقراطية والجيش السوري، تنصُّ على اندماج هذه القوات على شكل ثلاث فرق عسكرية تعمل داخل الإدارة الذاتية، وثلاث ألوية تعمل خارج الإدارة الذاتية مع الجيش السوري وقوات التحالف وتشارك في محاربة داعش.
ويبدو، كذلك، أن ترامب أكّدَ للشرع أنه لا يرغب في حرب أو صراع في سوريا، وأنه لا بدّ من الحفاظ على السلم الداخلي، ومعالجة المسائل بالطرق السلمية.. وهذا يعني أن اللامركزية التي طرحتها أمريكا ستدخل حيّز التنفيذ في المرحلة القادمة، التي قد تكون في النصف الأول من العام القادم.
وقد التحقَ وزير الخارجية التركي، هاقان فيدان، بهذا الركب وحطّ رحالَه بجوار هذا الاجتماع، وذلك بدعوة مفاجئة من ترامب، الذي أمر بإعداد لقاء ثلاثي جمعه مع وزيري خارجية أمريكا وسوريا، وذلك لاطلاعه بما خطّطتْهُ أمريكا، وتقريب وجهات النظر معه، وتخفيف حدّة المخاوف الأمنية التركية.. وجاء تصريحُ هاقان فيدان، بعد الاجتماع، الذي أشار فيه إلى خشية تركيا من تقسيم سوريا، لِيُؤكّدَ أن الحكومة التركية تَتخوّفُ من المحادثات التي دارتْ بين ترامب والشرع بشأن هيكلية النظام السوري اللامركزية.