ثنائية الوعي والربيع
صلاح سعيد أمين

تعيش الأمة الإسلامية في وقتنا الرّاهن أسوأ حالاتها في الجوانب كافة، وهناك مؤامراتٍ من الداخل والخارج لكسـر إرادتها، وتركيع مقاومتها، ودحر صمودها.. ولكن المسألة هنا هي: كيف تتجاوز الأمّة محنها بأسـرع وقت ممكن، وبأقلّ تكلفة؟ ومن ثم كيف تنهض الأمة من جديد، ومن أين تبدأ، وكيف تصل إلى ربيعها؟
خلاص الأمة ينبع من وعي أبنائها؛ الوعي الذي يكفل استئصال جذور محنها ومآسيها، لحظة بلحظة.. من هنا نحن نعيش في قلب الأمّة مع آلامها، ونمضـي حياتنا مع ما يحدث داخل أسوارها، وندرك نقاط القوّة والضعف فيها، ونعرف أين الخلل.. وهذا تعريف لمفهوم الوعي بحدّ ذاته.
الوعي يفرض علينا أن نبدأ بالتغيير المطلوب في أعماقنا من أجل إنقاذ الأمة، ووصولها إلى برّ الأمان؛ فقرآننا الكريم يعلّمنا كيف يحدث التغيير، ومتى ننطلق نحو الواقع المأمول [إن الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم]، إذن؛ عندما نغيّر ما بأنفسنا يتغيّر ما في محيطنا وأحوالنا.
إذن: بفضل تعاليمنا القرآنية يتجلّى لنا أن المسافة المطلوبة بين المحنّ والنّجاة منها قريبة جداً، ولذلك يقول عز وجل: [إن مع العسـر يسـرا]، فاليسـر يأتي مع العسـر لا بعده.
وفي خضمِّ المحن والشدائد يولد الوعي ذاتياً، ولكن نقطة التغيير تبدأ عندما نقرّر في أعماقنا القضاء على مسبّباتها، وهي السنّة الإلهية الواجب اتِّباعها في حياتنا، لأن النجاة لا تهبط من السماء دون أن نسير على ٍسننها، ونخطو خطواتها بأنفسنا.
ينبغي على كلٌّ منّا، أن يعي مواطن الخلل في محيطه، ويعلم الدور الذي لعبته التبعية والعمالة في تأخّرنا وتعميق أزماتنا، ويتحرّك من أجل ربيعه، وربيع أمّته، الذي يأتي مع بدء حركته في نفسه نحو شاطئ الأمان.
خلاصة الكلام: كلُّ فردٍ من أفراد الأمّة تقع عليه مسؤولية إنقاذها من محنها، وهو مسؤولٌ أمام الله والتاريخ في تحمُّل تلك المسؤولية بأمانةٍ وإخلاص.
العدد ١٩٢ ǀ صيف ٢٠٢٥ ǀ السنة الثانية والعشرون