الاختلاف حول صحة إمامة المتغلب وتحقيق نصوص طاعة ولي الأمر (من كنوز قلائد الجمان شرح اللؤلؤ والمرجان) – القسم الخامس والأخير –
صالح شيخو الهسنياني

تحقيق طاعة الأمراء في القرآن والسنة
حديث ابْنِ عَبَّاسٍ: [أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلأَمرِ مِنكُم]، قَالَ: نَزَلَتْ فِي عَبْدِ اللهِ بْنِ حُذَافَةَ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَدِيٍّ، إِذْ بَعَثَهُ النَّبِيُّ (صلى الله عليه وسلم) فِي سَـرِيَّةٍ. (اللؤلؤ والمرجان: رقم: 1203).
سبب نزول الآية:
عَن أبو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) عَلْقَمَةَ بْنَ مُجَزِّرٍ الْمُدْلِجِيَّ عَلَى بَعْثٍ أَنَا فِيهِمْ، فَخَرَجْنَا حَتَّى إِذَا كُنَّا عَلَى رَأْسِ غَزَاتِنَا، أَوْ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ، اسْتَأْذَنَتْهُ طَائِفَةٌ، فَأَذِنَ لَهُمْ، وَأَمَرَ عَلَيْهِمْ عَبْدَ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِيَّ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ بَدْرٍ، وَكَانَتْ فِيهِ دُعَابَةٌ، فَكُنْتُ فِيمَنْ رَجَعَ مَعَهُ. فَبَيْنَا نَحْنُ فِي الطَّرِيقِ نَزَلْنَا مَنْزِلًا، وَأَوْقَدَ الْقَوْمُ نَارًا يَصْطَلُونَ بِهَا، أَوْ يَصْنَعُونَ عَلَيْهَا صَنِيعًا لَهُمْ، إِذْ قَالَ لَهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُذَافَةَ: أَلَيْسَ لِي عَلَيْكُمُ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: فَأَنَا آمُرُكُمْ بِشَيْءٍ أَلَا فَعَلْتُمُوهُ؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: فَإِنِّي أَعَزِمُ عَلَيْكُمْ بِحَقِّي وَطَاعَتِي إِلَّا تَوَاثَبْتُمْ فِي هَذِه النَّارِ، قَالَ: فَقَامَ نَاسٌ، حَتَّى إِذَا ظَنَّ أَنَّهُمْ وَاثِبُونَ فِيهَا، قَالَ: أَمْسِكُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ، إِنَّمَا كُنْتُ أَضْحَكُ مَعَكُمْ. فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ذَكَرُوا ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ عليه الصلاة والسلام: (مَنْ أَمَرَكُمْ بمعصية فلا تطيعوه)([1]).
تفسير الآية:
قال تعالى: [يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلأَمرِ مِنكُم فَإِن تَنَٰزَعتُم فِي شَيءٖ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنتُم تُؤمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱليَومِ ٱلأٓخِرِ ذَٰلِكَ خَير وَأَحسَنُ تَأوِيلًا](النساء: 59).
قال الرازي: “اعلم أنه تعالى لما أمر الرعاة والولاة بالعدل في الرعية، أمر الرعية بطاعة الولاة، فقال: [يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ]، ولهذا قال علي بن أبي طالب: حقّ على الإمام أن يحكم بما أنزل الله، ويؤدّي الأمانة، فإذا فعل ذلك فحقّ على الرعية أن يسمعوا ويطيعوا”([2]).
وقال ابن عاشور: “أمر الله بطاعة الله ورسوله، وذلك بمعنى طاعة الشـريعة، فإن الله هو منزّل الشـريعة، ورسوله مبلّغها، والحاكم بها في حضرته. وإنما أعيد فعل: [وأطيعوا الرسول]، مع أن حرف العطف يغني عن إعادته إظهاراً، للاهتمام بتحصيل طاعة الرسول، لتكون أعلى مرتبة من طاعة أولي الأمر، ولينبّه على وجوب طاعته فيما يأمر به، ولو كان أمره غير مقترن بقرائن تبليغ الوحي، لئلا يتوهّم السامع أن طاعة الرسول المأمور بها ترجع إلى طاعة الله فيما يبلغه عن الله، دون ما يأمر به في غير التشـريع، فإن امتثال أمره كلّه خير”([3]).
وقال ابن حجر: “والنكتة في إعادة العامل في الرسول، دون أولي الأمر، مع أن المطاع في الحقيقة هو الله تعالى، كون الذي يُعرَف به ما يقع به التكليف هما القرآن والسُّنَّة، فكأن التقدير: أطيعوا الله فيما نَصَّ عليكم في القرآن، وأطيعوا الرسول فيما بَيَّن لكم من القرآن، وما ينصّه عليكم من السُّنَّة. أو المعنى: أطيعوا الله فيما يأمركم به من الوحي المتعبَّد بتلاوته، وأطيعوا الرسول فيما يأمركم به من الوحي الذي ليس بقرآن. ومن بديع الجواب قول بعض التابعين لبعض الأمراء من بني أمية، لَمّا قال له: أليس الله أمركم أن تطيعونا في قوله: [وَأُوْلِي ٱلأَمرِ مِنكُم]، فقال له: أليس قد نُزِعَت عنكم – يعني: الطاعة – إذا خالفتم الحقّ، بقوله: [فَإِن تَنَٰزَعتُم فِي شَيءٖ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنتُم تُؤمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱليَومِ ٱلأٓخِرِ]؟
وقال الطيبي: قوله: [وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ]، عطفٌ على [أَطِيعُواْ ٱللَّهَ]، وكرّر الفعل في قوله: [وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ]، إشارة إلى استقلال الرسول – صلى الله عليه وسلم – بالطاعة، ولم يُعِدْه في قوله: [وَأُوْلِي ٱلأَمرِ مِنكُم]، إشارةً إلى عدم استقلالهم بالطاعة، بل إنما يطاعون إذا أطاعوا الله تعالى، ورسوله، فطاعتهم تابعة لطاعتهما، كما أوضح ذلك بعده بقوله: [فَإِن تَنَٰزَعتُم فِي شَيءٖ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ]، كأنه قيل: إذا لَمْ يكن أولو الأمر مستقيمين، وشاهدتم منهم خلاف الحقّ، فردّوه إلى الحقّ، وهو الكتاب والسُّنّة، ولا يأخذكم في الله لومة لائم”([4]).
ما يستنبط من الحديث:
1. اجتماع كلمة المسلمين:
قال أبو الفضل الكوردي: “وهذا الحديث، وما في معناه، مقيّد لوجوب طاعة الأمراء، والسبب في الأمر بطاعتهم اجتماع كلمة المسلمين، فإن الخلاف سبب لفساد أحوالهم في دينهم ودنياهم. ويستنتج من ذلك أن من أطاع الأمير فقد أطاع الله؛ لأنه أطاع الرسول، ومن أطاع الرسول فقد أطاع الله… ومعناه أن عبد الله بن حذافة أمرهم بأمر، فخالفه بعضهم وأنف – على عادة العرب، فإنهم كانوا يأنفون من الطاعة – فنزلت الآية بسبب ذلك. قال الشافعي: “كانت العرب تأنف من الطاعة للأمراء، فلما أطاعوا رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، أمرهم بطاعة الأمراء”([5]).
2. من هم أولو الأمر؟
قال ابن حجر : “اختُلِف في المراد بأولي الأمر في الآية، فعن أبي هريرة، قال: هم الأمراء، أخرجه الطبريّ بإسناد صحيح. وعن جابر بن عبد الله، قال: هم أهل العلم والخير. وعن مجاهد، وعطاء، والحسن، وأبي العالية: هم العلماء. وعن مجاهد، قال: هم الصحابة، وهذا أخصّ. وعن عكرمة قال: أبو بكر، وعمر، وهذا أخصّ من الذي قبله. ورجّح الشافعيّ الأول، واحتَجّ له بأن قريشًا كانوا لا يَعرفون الإمارة، ولا ينقادون إلى أمير، فأُمروا بالطاعة لمن وَلي الأمر، ولذلك قال – صلى الله عليه وسلم -: (مَنْ أَطَاعَ أَمِيرِي فَقَدْ أَطَاعَنِي)([6]). وقال ابن عيينة: سألت زيد بن أسلم عنها، ولم يكن بالمدينة أحد يفسـّر القرآن بعد محمد بن كعب مثله، فقال: اقرأ ما قبلها تعرف، فقرأت: [إِنَّ ٱللَّهَ يَأمُرُكُم أَن تُؤَدُّواْ ٱلأَمَٰنَٰتِ إِلَىٰٓ أَهلِهَا وَإِذَا حَكَمتُم بَينَ ٱلنَّاسِ أَن تَحكُمُواْ بِٱلعَدلِ إِنَّ ٱللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ سَمِيعَا بَصِيرٗا](النساء: 58)، فقال: هذه في الولاة. واختار الطبريّ حملها على العموم، وإن نزلت في سبب خاصّ، والله أعلم”([7]).
وقال العراقي: وفي ذلك أقوال:
أشهرها قولان: أحدهما: هذا [أي: الأمراء]، وبه قال الجمهور.
والثاني: أنهم العلماء، وله وجه، وهو أن شـرط طاعة الأمراء أن يأمروا بما يقتضيه العلم، وكذلك كان أمراء رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وحينئذ تجب طاعتهم، فلو أمروا بما لا يقتضيه العلم، حرمت طاعتهم. فإذاً الحكم للعلماء، والأمر لهم بالأصالة، غير أنهم لهم الفتيا”([8]).
وقال ابن كيسان: هم أولو العقل والرأي، الذين يدبِّرون أمر الناس. وقال ميمون بن مهران، ومقاتل، والكلبي: أولو الأمر: أصحاب السـرايا. وقال الزحيلي: “ذهب بعض المفسـرين إلى أن المراد بهم الحكام أو أمراء السـرايا. وذهب آخرون إلى أنهم العلماء الذين يبيّنون للناس الأحكام الشـرعية. والظاهر إرادة الجميع، فتجب طاعة الحكام والولاة في السياسة وقيادة الجيوش وإدارة البلاد، وتجب إطاعة العلماء في بيان أحكام الشـرع، وتعليم الناس الدين والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. قال ابن العربي: والصحيح عندي أنهم الأمراء والعلماء جميعاً، أما الأمراء فلأن أصل الأمر منهم، والحكم إليهم. وأما العلماء، فلأن سؤالهم واجب متعيّن على الخلق، وجوابهم لازم، وامتثال فتواهم واجب.
ويرى الفخر الرازي أن المراد من أولي الأمر: أهل الحل والعقد، ليستدلّ بالآية على حجيّة الإجماع الصادر من العلماء”([9]).
3. ترجيح الإمام القرطبي:
قال القرطبي: “أولو الأمرِ في الآية: هم الأمراء، وهو أظهر من قول من قال: هم العلماء؛ قاله الحسن، ومالك، وله وجه، وهو: أن الأمراء شَـرْطهم أن يكونوا آمرين بما يقتضيه العلم، وكذلك كان أمراءُ رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وحينئذٍ تجب طاعتهم، فلو أَمروا بما لا يقتضيه العلم حَرُمَتْ طاعتهم؛ فإذًا الحكم للعلماء، والأمرُ لهم بالأصالة، غير أنهم لهم الفتيا من غير جبر، وللأمير الفتيا والجبر. وهذان القولان أشبه ما قيل في هذه الآية.
وقوله: [فَإِن تَنَٰزَعتُم فِي شَيءٖ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ]، الآية: [تَنَٰزَعتُم]: أي اختلفتم. وأصله: التجاذب، والتعاطي، ومنه سُمِّي المستقيان متنازعين؛ لأنهما يتجاذبان الدّلو بالحبل. ولا شك أن المواجَه بهذا الخطاب هم الصحابة.
وعلى هذا فالمراد بقوله: [فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ]؛ أي: انتظروا أن يُنزّل الله فيه قرآنًا، أو يبيّن فيه رسول الله – صلى الله عليه وسلم – سُنَّة، وقيل: المراد الصحابة وغيرهم. والمعنى: أنَّ المرجِع عند التنازع: كتاب الله، وسُنَّة رسوله، قاله قتادة.
وقوله: [ذَٰلِكَ خَير]؛ أي: الردُّ إلى كتاب الله تعالى، وسُنّة رسوله، خير من الردّ إلى التحاكم بالهوى. و[خَيرٌ] للمفاضلة.. وهي هنا بمعنى: الواجب؛ أي: ذلك الواجب عليكم. و[تَأوِيلًا]؛ أي: مآلًا، ومرجعًا”([10]).
4. القصة في السيرة:
ذكر ابن سعد: قالوا: بلغ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أن ناسًا من الحبشة تراءاهم أهل الشعيبة في ساحل جَدّة بناحية مكّة في مراكب، فبعث إليهم علقمةَ بن مُجَزِّز في ثلاثمائة، فانتهى إلى جزيرة في البحر، وقد خاض إليهم البحر، فهربوا منه. فلما رجع، تعجّل بعض القوم إلى أهلهم، فأَذِن لهم. فتعجّل عبد الله بن حُذافة السهميّ فيهم، فأَمَّره على من تعجّل، وكانت فيه دُعابة. فنزلوا ببعض الطريق، وأوقدوا نارًا يصطلون عليها، ويصطنعون، فقال: عزمت عليكم إلَّا تواثبتم في هذه النار، فقام بعض القوم، فاحتجزوا حتى ظنّ أنهم واثبون فيها، فقال: اجلسوا، إنما كنت أضحك معكم. فذكروا ذلك لرسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فقال: (من أمركم بمعصية فلا تطيعوه)([11]).
عبد الله بن حذافة:
الصحابي الجليل عبد الله بن حذافة بن قيس بن عدي بن سعد بن سهم القرشي السهمي، أبو حذافة أو أبو حذيفة. وأمّه: تميمة بنت حرثان، من بني الحارث بن عبد مناة. من السابقين الأولين، هاجر إلى أرض الحبشة الهجرة الثانية، مع أخيه: قيس بن حذافة. يقال: إنه شهد بدراً. عن أبي سعيد الخدري، قال: كان عبد الله بن حذافة ابن قيس السهمي من أصحاب بدر، وكانت فيه دعابة.
ومن دعاباته:
_ عبد الله بن حذافة هذا هو القائل لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) حين قال: سلوني عمّا شئتم: من أبي، يا رسول الله؟ فقال: أبوك حذافة بن قيس. فقالت له أمّه: ما سمعتُ بابنٍ أعقّ منك، أمنت أن تكون أمّك قارفت ما تقارف نساء أهل الجاهلية، فتفضحها على أعين الناس! فقال: والله لو ألحقني بعبد أسود للحقت به([12]).
_ ذكر الزبير قال: حدثنا عبد الجبار بن سعد، عن عبد الله بن وهب، عن الليث، عن سعد، قال: بلغني أنه حلّ حزام راحلة رسول الله، في بعض أسفاره، حتى كاد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقع. قال ابن وهب: فقلت لليث: ليضحكه؟
_ ومن دعابة عبد الله بن حذافة، أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أمّره على سـرية، فأمرهم أن يجمعوا حطباً ويوقدوا ناراً… الحديث.
مناقبه:
ومن مناقب عبد الله بن حذافة، عن أبي رافع، قال: وجّه عمر – رضي الله عنه – جيشاً إلى الروم، وفيهم عبد الله بن حذافة، فأسـره ملك الروم.
عن ابن عباس، قال: “أسـرت الروم عبد الله بن حذافة السهمي، صاحب النبي (صلى الله عليه وسلم)، فقال له الطاغية: تنصّر وإلَّا ألقيتك في النّقْرة([13])، لنقرةٍ من نحاس، قال: ما أفعل. فدعا بالنقرة النحاس، فملئت زيتاً وأغليت، ودعا برجل من أسـرى المسلمين فعرَض عليه النصرانية، فأبى، فألقاه في النقرة، فإذا عظامه تلوح. وقال لعبد الله: تنصّر وإلَّا ألقيتك، قال: ما أفعل. فأمر به أن يلقى في النقرة، فبكى، فقالوا: قد جزع، قد بكى. قال: ردّوه، قال: لا ترى أني بكيت جزعاً مما تريد أن تصنع بي، ولكني بكيت حيث ليس لي إلَّا نفس واحدة يفعل بها هذا في الله، كنت أحبّ أن يكون لي من الأنفس عدد كل شعرة فيّ، ثم تسلّط عليّ فتفعل بي هذا. قال: فأعجب منه، وأحبّ أن يطلقه، فقال: قبّل رأسي وأطلقك، قال: ما أفعل. قال: تنصّر وأزوّجك بنتي، وأقاسمك ملكي، قال: ما أفعل. قال: قبّل رأسي وأطلقك وأطلق معك ثمانين من المسلمين. قال: أما هذه فنعم، فقبّل رأسه، وأطلقه، وأطلق معه ثمانين من المسلمين. فلما قدموا على عمر بن الخطاب – رضي الله عنه -، قام إليه عمر فقبّل رأسه. قال: فكان أصحاب رسول الله يمازحون عبد الله، فيقولون: قبّلت رأس علج، فيقول لهم: أطلق الله بتلك القبلة ثمانين من المسلمين.
يقال: توفي بمصر في خلافة عثمان – رضي الله عنه -، ودفن بمقبرتها([14]).
حديث أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ – صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: (مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصى اللهَ، وَمَنْ أَطَاعَ أَمِيرِي فَقَد أَطَاعِني، وَمَنْ عَصى أَمِيرِي فَقَدْ عَصَانِي). اللؤلؤ والمرجان: (رقم: 1204).
الشـرح:
قوله – صلى الله عليه وسلم -: (مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ) مقتبس من قوله تعالى: [مَّن يُطِعِ ٱلرَّسُولَ فَقَد أَطَاعَ ٱللَّهَ](النساء: 80). وقال سبحانه وتعالى، بعد أن ذكر أحكام الفرائض والمواريث: [تِلكَ حُدُودُ ٱللَّهِ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ يُدخِلهُ جَنَّٰتٖ تَجرِي مِن تَحتِهَا ٱلأَنهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَا وَذَٰلِكَ ٱلفَوزُ ٱلعَظِيمُ](النساء: 13).
وجاء التحذير في هذا الحديث: (وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصى اللهَ)، وهذا مقتبس من القرآن الكريم، قال الله تعالى: [وَمَن يَعصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُۥ يُدخِلهُ نَارًا خَٰلِدٗا فِيهَا وَلَهُۥ عَذَاب مُّهِين](النساء: 14). [وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ فَأُوْلَٰٓئِكَ مَعَ ٱلَّذِينَ أَنعَمَ ٱللَّهُ عَلَيهِم مِّنَ ٱلنَّبِيِّـينَ وَٱلصِّدِّيقِينَ وَٱلشُّهَدَآءِ وَٱلصَّٰلِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَٰٓئِكَ رَفِيقٗا. ذَٰلِكَ ٱلفَضلُ مِنَ ٱللَّهِ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ عَلِيمٗا](النساء: 69- 70). [وَمَن يَعصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَقَد ضَلَّ ضَلَٰلٗا مُّبِينٗا](الأحزاب: 36). [وَمَن يَعصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَإِنَّ لَهُۥ نَارَ جَهَنَّمَ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدًا](الجن: 23).
والآية الجامعة لطاعة الرسول (صلى الله عليه وسلم)، والنهي عن معصيته، في كل شيء، هي قوله تعالى: [وَمَآ ءَاتَىٰكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَىٰكُم عَنهُ فَٱنتَهُواْ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلعِقَابِ](الحشر: 7).
قال المهلب: هذا يدلّ على وجوب طاعة السلطان وجوباً مجملاً؛ لأن في ذلك طاعة الله وطاعة رسوله، فمن ائتمر لطاعة أولي الأمر، لأمر الله ورسوله بذلك، فطاعتهم واجبة فيما رأوه من وجوه الصلاح، حتى إذا خرجوا إلى ما يشك أنه معصية لله، لم تلزمهم طاعتهم فيه، وطلب الخروج عن طاعتهم بغير مواجهة في الخلاف([15]).
حديث عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: (السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ عَلَى الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ فِيمَا أَحَبَّ وَكَرِهَ، مَا لَمْ يُؤْمَرْ بِمَعْصِيَةٍ؛ فَإِذَا أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلاَ سَمْعَ وَلاَ طَاعَةَ). اللؤلؤ والمرجان: (رقم: 1205).
وفي رواية أخرى، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ: (عَلَى الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ الطَّاعَةُ، فِيمَا أَحَبَّ أَوْ كَرهَ، إِلَّا أَنْ يُؤْمَرَ بِمَعْصِيَةٍ، فَإِذَا أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ، فَلَا سَمْعَ وَلَا طَاعَةَ)([16]).
الشـرح:
قال القرطبي: “قوله: (السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ عَلَى الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ) ظاهرٌ في وجوب السمع والطّاعة للأئمة، والأمراء، والقضاة، ولا خلاف فيه إذا لَمْ يأمر بمعصية، فإن أَمَر بمعصيةٍ، فلا تجوز طاعته في تلك المعصية قولًا واحدًا.. ثم إن كانت تلك المعصية كفرًا، وَجَبَ خَلْعُه على المسلمين كلهم، وكذلك لو ترك إقامة قاعدة من قواعد الدين؛ كإقام الصلاة، وصوم رمضان، وإقامة الحدود، ومَنَع من ذلك، وكذلك لو أباح شـرب الخمر، والزنا، ولم يمنع منهما، لا يختلف في وجوب خَلْعِه.. فأمَّا لو ابتدع بدعة، ودعا النَّاس إليها؛ فالجمهور على أنَّه يُخْلَع.
وذهب البصـريون إلى أنه لا يُخْلَع، تمسُّكًا بظاهر قوله – صلى الله عليه وسلم -: (إِلَّا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ مِنَ اللهِ فِيهِ بُرْهَانٌ)([17])، وهذا يدلُّ على استدامة ولاية المتأوّل، وإن كان مبتدعًا، فأمَّا لو أمر بمعصية؛ مثل أخْذ مال بغير حقّ، أو قَتْل، أو ضَرْب بغير حقّ، فلا يطاع في ذلك، ولا ينفّذ أمره، ولو أفضى ذلك إلى ضـرب ظهر المأمور، وأخْذ ماله؛ إذ ليس دم أحدهما، ولا ماله، بأَولى من دم الآخر، ولا ماله، وكلاهما يحرم شـرعًا؛ إذ هما مسلمان، ولا يجوز الإقدام على واحد منهما، لا للآمر، ولا للمأمور؛ لقوله: (لا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ)([18])، كما ذكره الطبري، ولقوله هنا: “فإن أمر بمعصية فلا سمع، ولا طاعة”.
فأمَّا قوله في حديث حذيفة: (تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلْأَمِيرِ، وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ، وَأُخِذَ مَالُكَ، فَاسْمَعْ وَأَطِعْ)([19])، فهذا أمْر للمفعول به ذلك، للاستسلام، والانقياد، وترك الخروج عليه؛ مخافة أن يتفاقم الأمر إلى ما هو أعظم من ذلك. ويَحْتَمِل أن يكون ذلك خطابًا لمن يُفعل به ذلك بتأويل، يسوّغ للأمير بوجهٍ يَظهر له، ولا يظهر ذلك للمفعول به، وعلى هذا يرتفع التعارض بين الأحاديث، ويصحّ الجمع”. انتهى كلام القرطبي([20]).
ما يؤخذ من الحديث([21]):
الخروج على أئمة الكفر:
قال ابن بطال: “والذي عليه جمهور الأمة أنه لا يجب القيام [على أئمة الجور]، ولا خلعهم، إلَّا بكفرهم بعد الإيمان، وتركهم إقامة الصلوات، وأما دون ذلك من الجور، فلا يجوز الخروج عليهم إذا استوطأ أمرهم وأمر الناس معهم؛ لأن في ترك الخروج عليهم تحصين الفروج والأموال وحقن الدماء، وفي القيام عليهم تفرق الكلمة وتشتت الألفة. وكذلك لا يجوز القتال معهم لمن خرج عليهم عن ظلم ظهر منهم”([22]) .
وقال الشوكاني: “وهذا تقييد لما أطلق في الأحاديث المطلقة القاضية بطاعة أولي الأمر على العموم، والقاضية بالصبر على ما يقع من الأمير مما يكره، والوعيد على مفارقة الجماعة”([23]).
اتفق الفقهاء على وجوب بذل الطاعة لأولياء أمور المسلمين في كل ما يأمرون به وينهون عنه، ما لم يكن فيه معصية لله تعالى، لقوله تعالى: [يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلأَمرِ منكُم](النساء: 59).
كما اتفقوا على حرمة الخروج على ولي الأمر إذا كان عادلاً، أما الخروج عليه إذا كان جائراً، فقد اختلف الفقهاء في حكمه([24]).
حديث عَلِيٍّ – رضي الله عنه -، قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – سَرِيَّةً، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُطِيعُوهُ، فَغَضِبَ عَلَيْهِمْ، وَقَالَ: أَلَيْسَ قَدْ أَمَرَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – أَنْ تُطِيعُونِي؟ قَالُوا: بَلَى. قَالَ: عَزَمْتُ عَلَيْكُمْ لَمَا جَمَعْتُمْ حَطَبًا وَأَوْقَدْتُمْ نَارًا، ثُمَّ دَخَلْتُمْ فِيهَا. فَجَمَعُوا حَطَبًا، فَأَوْقَدُوا، فَلَمَّا هَمُّوا بِالدُّخُولِ، فَقَامَ يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ، قَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّمَا تَبِعْنَا النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – فِرَارًا مِنَ النَّارِ، أَفَنَدْخُلُهَا، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذلِكَ إِذْ خَمَدَتِ النَّارُ، وَسَكَنَ غَضَبُهُ، فَذُكِرَ لِلنَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: (لَوْ دَخَلُوهَا مَا خَرَجُوا مِنْهَا أَبَدًا، إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوف).
اللؤلؤ والمرجان: (رقم: 1206).
غريب الحديث:
رَجُلاً: الأمير هوعبد الله بن حذافة السهمي([25]). قال القرطبي: ظاهرٌ في أنه ليس عبد الله بن حذافة، فإنه مهاجريّ، وذلك أنصاري([26]).
رواية مسلم:
عَنْ عَلِيٍّ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ – صلى الله عليه وسلم – بَعَثَ جَيْشًا، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ رَجُلًا، فَأَوْقَدَ نَارًا، وَقَالَ: ادْخُلُوهَا، فَأَرَادَ نَاسٌ أَنْ يَدْخُلُوهَا، وَقَالَ الْآخَرُونَ: إِنَّا قَدْ فَرَرْنَا مِنْهَا، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ – صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ لِلَّذِينَ أَرَادُوا أَنْ يَدْخُلُوهَا: (لَوْ دَخَلْتُمُوهَا لَمْ تَزَالُوا فِيهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ)، وَقَالَ لِلْآخَرِينَ قَوْلًا حَسَنًا، وَقَالَ: (لَا طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ، إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ)([27]).
الشرح:
قوله – صلى الله عليه وسلم -: (لَوْ دَخَلُوهَا مَا خَرَجُوا مِنْهَا أَبَدًا)، قال الداوودي: يريد تلك النار، لأنهم يموتون بتحريقها، فلا يخرجون منها أحياء، وليس المراد بالنار نار جهنم، ولا أنهم يخلدون فيها. وقال الكرماني: قوله: لما خرجوا، فإن قلت: ما وجه الملازمة؟ قلت: الدخول فيها معصية، فإذا استحلّوها كفروا، وهذا جزاء من جنس العمل. قوله: إنما الطاعة في المعروف يعني: تجب الطاعة في المعروف لا في المعصية([28]).
قال ابن حجر: “وهذا من المعاريض التي فيها مندوحة، يريد أنه سيق مساق الزجر والتخويف، ليفهم السامع أن من فعل ذلك خلّد في النار، وليس ذلك مراداً، وإنما أريد به الزجر والتخويف… “([29]).
وقال أيضاً: “يعني أن الدخول فيها معصية، والعاصي يستحق النار، ويحتمل أن يكون المراد: لو دخلوها مستحلّين، لما خرجوا منها أبداً. وعلى هذا ففي العبارة نوع من أنواع البديع، وهو الاستخدام؛ لأن الضمير في قوله: (لَوْ دَخَلُوهَا) للنار التي أوقدوها، والضمير في قوله: (خَرَجُوا مِنْهَا أَبَدًا) لنار الآخرة؛ لأنهم ارتكبوا ما نهوا عنه من قتل أنفسهم.
ويحتمل – وهو الظاهر – أن الضمير للنار التي أوقدت لهم؛ أي: ظنّوا أنهم إذا دخلوا بسبب طاعة أميرهم، لا تضرّهم، فأخبر النبي – صلى الله عليه وسلم -، أنهم لو دخلوا فيها لاحترقوا فماتوا، فلم يخرجوا”([30]).
ما يؤخذ من الحديث:
1. حدود إطاعة ولي الأمر:
قوله – صلى الله عليه وسلم -: (إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوف)، فيه بيان ما يطاع فيه من كان من أولي الأمر، وهو الأمر المعروف، لا ما كان منكراً. والمراد بالمعروف ما كان من الأمور المعروفة في الشـرع، لا المعروف في العقل أو العادة، لأن الحقائق الشرعية مقدمة على غيرها، على ما تقرّر في الأصول([31]).
2. إثبات عذاب القبر:
إن هذا الحديث يثبت أمراً في غاية الأهمية، يُثبت لنا عذاب القبر، لأنه – عليه الصلاة والسلام – لم يقل: لو دخلتموها ما خرجتم منها أبداً، وإنما قال: (لَوْ دَخَلْتُمُوهَا لَمْ تَزَالُوا فِيهَا). فما بين وقوع هذا الحادث إلى يوم القيامة برزخ، والنبي – صلى الله عليه وسلم – أثبت عذاب البرزخ. قال: (لَوْ دَخَلْتُمُوهَا لَمْ تَزَالُوا فِيهَا) أي: تُعذّبون في النار (إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ)، وقال للآخرين قولاً حسناً؛ لأنهم عصوا الأمير حينما أمر بمعصية الله عز وجل وقال: (لَا طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ، إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ)([32]).
3. الأمة لا تجتمع على خطأ:
استنبط الشيخ أبو محمد بن أبي جمرة([33]) من هذا الحديث، أن الجمع من هذه الأمة، لا يجتمعون على خطأ؛ لانقسام السـرية قسمين: منهم من هان عليه دخول النار، فظنّه طاعةً، ومنهم من فهم حقيقة الأمر، وأنه مقصور على ما ليس بمعصية، فكان اختلافهم سبباً لرحمة الجميع. قال: وفيه أن من كان صادق النية، لا يقع إلَّا في خير، ولو قصد الشـر، فإن الله يصـرفه عنه. ولهذا قال بعض أهل المعرفة: من صدق مع الله، وقاه الله، ومن توكل على الله، كفاه الله([34]).
([1]) – صحيح ابن حبان: (10/421؛ رقم: 4558).
([2]) – مفاتيح الغيب: (10/112).
([3]) – التحرير والتنوير: (5/97).
([4]) – فتح الباري: (13/111-112)، بتصرف.
([6]) – مسند الإمام أحمد: (12/286؛ رقم: 7334)، وعند مسلم: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: (مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ، وَمَنْ يَعْصِنِي فَقَدْ عَصَى اللهَ، وَمَنْ يُطِعِ الْأَمِيرَ فَقَدْ أَطَاعَنِي، وَمَنْ يَعْصِ الْأَمِيرَ فَقَدْ عَصَانِي). صحيح مسلم: (3/1466؛ رقم: 1835).
([9]) – التفسير المنير: (5/126).
([11]) – طبقات ابن سعد: (2/122-123)؛ زاد المعاد: (3/515).
([12]) – يراجع: 43- كتاب فضائل الرسول، 37- باب توقيره – عليه الصلاة والسلام – وترك إِكثار سؤاله، الأحاديث: (1522و 1523و 1524).
([13]) “النُّقْرَة” في اللغة: تُطلق على المنخفض أو الحفرة في الأرض أو في الحجر، وتُستعمل أيضًا بمعنى إناء غائر أو مجوّف من معدن. وجاء في (لسان العرب): “والنُّقْرَةُ: قَعْرٌ يكون في الجبل أو الحجر يجتمع فيه الماء”، “وربما صنعت من نحاس أو حديد وصُبّ فيها شيء”. وأغلب المصادر الموثوقة كـ (البداية والنهاية) لابن كثير، (سير أعلام النبلاء) للذهبي، (الاستيعاب) لابن عبد البر، تذكر “النُّقْرَة النُّحاس”، أو “نُقرة من نحاس”. وأما ورودها في بعض الروايات غير المحققة بدقة، بلفظ “البُقْرة”، “البُقْرَة من نحاس”: فإما تحريف، أو تصحيف: إما تصحيف خطي (الباء بدلاً من النون)، أو فهم خاطئ للكلمة، لأن “البُقْرَة” لا تُستعمل في العربية بهذا السياق، إلا إذا كانت الكلمة من لهجات محلية أو دخيلة، أو كُتبت خطأً مكان “النُّقرة”.
([14]) – ينظر ترجمته، الإصابة: (4/50؛ رقم: 4641)؛ أسد الغابة: (3/213؛ رقم: 2891)؛ الاستيعاب: (3/888؛ رقم: 1508).
([16]) – سنن ابن ماجه: (2/956؛ رقم: 2864)؛ سنن النسائي الكبرى: (7/192؛ رقم: 7781)، وفيه: (عَلَى الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ …)، حكم الألباني: صحيح.
([18]) – السلسلة الصحيحة: (رقم: 179).
([19]) – صحيح مسلم: (3/1476؛ رقم: 1847). قال الدارقطني: وهذا عندي مرسل، أبو سلام لم يسمع من حذيفة ولا من نظرائه الذين نزلوا العراق. الإلزامات والتتبع: (رقم: 53).
وقيل في حديث حذيفة هذا زيادة ليست في حديث حذيفة المتفق عليه، وهي قوله: (وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ، وَأُخِذَ مَالُكَ)! فهذه الزيادة ضعيفة، لأنها من هذه الطريق المنقطعة. إذاً هذه الزيادة من حيث الإسناد ضعيفة. الطرق السلمية في تغيير الحاكم الفاسد: (ص42-43).
([21]) – راجع: نظريات المواجهة.
([23]) – نيل الأوطار: (7/271).
([24]) – الموسوعة الفقهية الكويتية: (45/149).
([25]) – فتح الباري لابن حجر: (1/341)، مر معنا.
([27]) – صحيح مسلم: (3/1469؛ رقم: 1840).
([28]) – فتح الباري: (13/123)؛ عمدة القاري: (24/225).
([29]) – فتح الباري: (13/123).
([31]) – نيل الأوطار: (7/271).
([32]) – أبو الأشبال: (د20/15).
([33]) – ابن أَبي جَمْرة (ت: 695 هـ/1296 م): عبد الله بن سعد بن سعيد بن أبي جمرة الأزدي الأندلسي، أبو محمد: من العلماء بالحديث، مالكي. أصله من الأندلس ووفاته بمصر. من كتبه ” جمع النهاية – ط ” اختصر به صحيح البخاري، ويعرف بمختصر ابن أَبي جَمْرة، و ” بهجة النفوس – ط ” في شرح جمع النهاية، و ” المرائي الحسان – ط ” في الحديث والرؤيا. (أعلام الزركلي: 4/89).
([34]) – فتح الباري لابن حجر: (8/60).
العدد ١٩٢ ǀ صيف ٢٠٢٥ ǀ السنة الثانية والعشرون