ماذا وراء مؤتمر الرياض؟

                                                                سعد سعيد الديوه جي

قبل أيام تابع العالم أجمع اللقاء الأمريكي الروسي الذي عُقد في مدينة (الرياض)، بين وفود برئاسة وزيري خارجية البلدين؛ الأمريكي (ماركو روبيو)، والروسي (سيرجي لافروف)، تمهيداً للقاء الرئيسين (ترامب) و(بوتين)، ربما في الشهر المقبل.

وحسب كل المعطيات، فقد كانت أجواء اللقاء ودية وعميقة، حسب ما تناقلته وكالات الأنباء، لحل المشاكل العالقة بينهما، وهما في حالة حرب باردة جديدة، وصِدام عسكري غير مباشر في (أوكرانيا).

وقد لخص هذه الأجواء السيد (لافروف) بقوله: “لقد عملنا على تهيئة كل الظروف لاستعادة تعاوننا الكامل مع أمريكا”، وهذا يذكرنا بمؤتمرات تاريخية قررت مصير العالم، مثل (مؤتمر فرساي)، بعد الحرب العالمية الأولى، و(مؤتمر يالطا) بعد الحرب العالمية الثانية، الذي قرر فيه الحلفاء مصير العالم آنذاك! فماذا ينتظر العالم لو تم اللقاء الودي على مستوى الرؤساء؟!

في هذا (اللقاء – المؤتمر) استشعر العالم بوادر حل الحرب الروسية – الأوكرانية، وتخلّي الأمريكان بصورة شبه مطلقة عن الأوكرانيين، ودميتهم (زيلنسكي)، وإعادته إلى ساحات الرقص والتهريج، وعدم إعارتهم اهتماماً للمخاوف الأوروبية من الدب الروسي؛ ولم نسمع عن اتفاقيات أخرى، لا سيّما ما يتعلق بما يدور على أرض فلسطين وغزة، وربما كانت هناك اتفاقات سرية غير معلنة، وهي أمور شبه مؤكدة، إذ البنود السرية على المستويات الاقتصادية والاستثمارية حتمية.

والذي نعتقده أنّ ما يقلق أمريكا وروسيا هو الصعود الصيني المذهل في كل المجالات الاقتصادية والعلمية والتجارية والسياسية، وأخيراً وليس آخراً المجالات العسكرية.

لقد اتبعت الصين سياسة العمل الدؤوب والابتعاد عن التدخلات في شؤون الدول الأخرى، عدا المجالات الاقتصادية، والتزام الصمت السياسي، قدر المستطاع، ومراقبة الأوضاع بحكمة.. وهذا الخوف الحقيقي دفع الرئيس الأمريكي (ترامب) إلى ارتداء قبعته الحمراء الشهيرة من الصين، وبعد إصابته بطلق ناري في إذنه، وهي تحمل شعار (AMERICA AGAIN)، مما يعني أن أمريكا بدأت تتخلى عن ريادتها للعالم، وأن تدخلها العسكري هنا وهناك قد أثر على اقتصادها بشكل كبير، وصارت تتطلع لماضٍ ولّى.

لقد أثبتت الأحداث الأخيرة أنه ليس هنالك علاقة حميمة بين أمريكا وحلفائها، مهما تسترت تحت شعارات الديمقراطية والحرية، فهي قد أهملت أوروبا (القارة العجوز)، وتطلع رئيسها إلى ضمّ (كندا) و(جريلاند)، وهو تطلع استعماري جديد، ليس له سابق؛ فالتنين الصيني ينفث ناره في كل الاتجاهات، مما جعل الكل يخاف منه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى