لو أن الكورد شكروا الله على نعمائه!

محمد واني

 شكر الإنسان لنعم الله عليه، أو غمطه للناس، وإعراضه عن الحق، وكفره بنعم الله، موضوع غاية في الأهمية يتوقف عليه مصير الإنسان في الأرض؛ كفرد أو كمجتمعات وشعوب وحضارات، وربما نتجاهل مدى خطورته في خضم انشغالنا بمعترك الحياة. إن استجابتنا للنعم الكثيرة التي أنعمها الله علينا، من خلال تقديم الشكر له، والثناء على جميل عرفانه، هو ما ينبغي أن نفعله في كل لحظة نعيشها ونتنعّم بها؛ في كل صلاة نقيمها وطعام نتذوّقه، وكل جميل نراه ونتمتّع به، فالشكر هو أساس الوجود، والحياة بدونه لا يمكن أن تكتمل وتستمر! هذا ما قاله لنا ربنا العزيز وقدّره: أي إنسان أو أمّة جاحدة تكفر بأنعم الله، فإن مآلها إلى الزوال والدمار، وتلك سنّة الله إلى يوم القيامة؛ تشكر الله، فتزيد من نعمه عليك، تكفر بها، يذيقك لباس الجوع والخوف، ولن تجد من دونه ولياً ولا نصيراً! أرأيت كم هو خطير هذا الموضوع، ولا يمكن التغافل عنه والاستهانة به؟ حتى إبليس عندما عصـى الله سبحانه، فعوقب بالطرد واللعنة، لم يتوعد الإنسان بالقتل أو بالكفر، وإنما توعد أن ينتقم منه بأن يجعل منه جاحداً ناكراً للمعروف [ولا تجد أكثرهم شاكرين]، وهو أقصـى أمنيات الشيطان التي يمكن أن يصل إليها في إضلال الأفراد والأمم.

لقد خسف الله بـ(قارون) الأرض، لأنه لم يشكر الله على ثرائه الفاحش، بل أرجعه إلى نفسه، وكذلك قوم (عاد) جحدوا بآيات ربهم، فأهلكهم الله! وهكذا ما إن يصل الإنسان إلى درجة (الجحود)؛ فإن الله ينتقم منه بأشدِّ ما يكون العقاب!

والشكر أتيكيت حضاري رائع لا يمكن الاستغناء عنه في معاملاتنا اليومية، حتى عندما يعطس أحدنا، ويحمد الله، فإن كل من سمعه يجب أن يقول له يرحمك الله، كما علمنا المصطفى ﷺ، ومن أهمية الحمد والشكر وعظمتهما؛ فإنّ الله نسبه لنفسه، وجعله اسماً من أسمائه الحسنى (الشكور)، وعلى الرّغم من علوّ شأن الأنبياء؛ فلم يطلق هذا الاسم أو الصفة إلا على سيدنا نوح [إنه كان عبداً شكوراً] .

وكما أهلك الله أمماً بسبب جحودها، أنعم على أمم أخرى بالازدهار والحضارة، وهذا حال الشعب الكوردي في إقليم كوردستان، الذي وهبه الله الأمن والأمان، وأبعد عنه خطر أخطر جيش لأكبر دكتاتور قمعي في الشـرق الأوسط، وأتاح له تشكيل حكومته وبرلمانه، وسخّر له الأمم القوية لحمايته، وضمان أمنه من الأعداء المحيطين به، فماذا فعل بعد كل هذه النعم؟ هل شكر ربّه؟ هل وحّد صفوفه، وجمع شتاته، ودبّر شؤونه، وبنى مؤسساته، ونبذ خلافاته التافهة جانباً، وعمل بدستور مكتوب؟! كلا، بل عمل العكس تماماً، انشغل بالنزاعات الجانبية والحروب الداخلية والتناحرات المناطقية، والنتيجة أنه أصبح محاصَراً ينهشه الجوع والخوف من العصابات الطائفية والقوى الإقليمية المتربصة به.. وهذا حال الغافلين!

مجلة الحوار ǁ العدد 190 ǀ السنة الثانية والعشرون ǀ شتاء 2024

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى