خواطر عن زمن التهريج الإعلامي

سعد سعيد الديوه جي

ما نقصده هنا هو التهريج الإعلامي المصاحب لعالم السياسة في وطننا العربي، والذي صار كالنار في الهشيم ومنذ زمن الإنقلابات العسكرية في منتصف القرن الماضي، والتي صار يُطلق عليها مصطلح “الثورات”.

ففي كل مرة يظهر لنا بطلٌ جديدٌ، يقود الأمة ويحارب الاستعمار والإمبريالية، وينهض بالاقتصاد ويحارب الفقر.

ثم يختفي هذا المنقذ المنتظر ليحل محله بطلٌ آخر، تلتف حوله الجماهير كما التفت حول سابقه، ثم تلتف حول لاحقه.

وهي تهتف بحياته، وترفع صوره، وترقص له بكل ما أوتيت من قوة، وهي تنتظر المنجزات الموعودة، والتي لا تصل، نتيجة لمؤامرات الأعداء وتربصهم.

ومن مظاهر التهريج انتشار السب والشتم والألقاب النابية عندما يوجد أكثر من بطل واحد في قطرين مختلفين، أو عدة أبطال في عدة أقطار!

إن الذين يقفون وراء هذا التهريج مجموعة من الكتاب والإعلاميين، وفي وسائل الإعلام كافة، اختصاصهم التزوير والكذب والنفاق وإبعاد الناس عن حقيقة الأمور، مقابل أجور ضخمة تُصرف على حساب الجماهير الراقصة.

فبعد الأزمة الأخيرة التي عصفت بالعلاقات بين مصر وتركيا قبل عشر سنوات تقريباً، أعد المهرجون عدّتهم ونزلوا بالرئيس التركي الى أسفل سافلين، وكأن المشكلة محصورة به ولا غير، واستخدموا من الألقاب والصفات النابية ما لا يمكن وصفه، وعندما زار الرئيس المصري أخيراً تركيا، تحول التهريج الى مدائح ومناقب لم يحظ بها حتى سلاطين آل عثمان!.

وعلى كل حال، فإذا صار التهريج الإعلامي عِلماً يُدرّس في الجامعات، ففي جامعاتنا ستكون له الصدارة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى