رؤية العلامة ناصر سبحاني حول شروط الرواة (الحلقة 21)
د. عمر عبد العزيز
تحدثنا في حلقة سالفة عن حجيّة السنّة، ورتبتها بين الأدلة الشرعية، في رأي العلامة ناصر سبحاني، وأكّدنا على أن الموضوع يقتضي الحديث عن شروط الرواة، وكذلك المرويات. لذا، خصصنا هذه الحلقة، والتي تليها، لهذا الموضوع:
أولاً/ كلام العلماء في شروط رواة الحديث:
1ـ منذ عهد الصحابة بدأ التثبّت في قبول الحديث، والتبيّن في حال الراوي، بالرغم من أمانة معظم الرواة في عهدهم، ولكن احتمال الوقوع في الخطأ والنسيان والالتباس، وغير ذلك من حالات الضعف البشـري، اقتضت أن ينشأ علم؛ سُمّي فيما بعد بعلم (الجرح والتعديل)، وهو علم يرى الباحثون أنه خاص بأمّة الإسلام، بحيث لا يوجد له نظير عند الأمم الأخرى([1])، رغم تفوّق كثير من الأمم الغربية في مجالات البحث والتحقيق العلمي. وهو علم يتحدث عن شروط راوي الحديث، سواء من ناحية كونه عدْلاً – أي مؤمناً، ذا تقوى، بعيداً عن الفسق – أو كونه ضَبْطاً، بمعنى كونه حافظاً ملمّاً بشروط سماع الحديث ونقله وحفظه، ونشره لاحقاً.
2 – اشترط علماء الحديث في الراوي الذي يرد ذكره في سند([2]) أي حديث، أن يكون ثقة، ثم ذكروا أن هذه الصفة لا تتحقق إلا بأمرين، هما: العدالة، والضبط:
أ – شـرط العدالة، وهي – في اصطلاح أهل الحديث – : “هيئة في النفس، تحمل على ملازمة التقوى والمروءة، ليس معها بدعة، وإنما تتحقق باجتناب الكبائر، وترك الإصرار على الصغائر، بل وبعض المباح”([3]). واستدل العلماء لاشتراط هذه الصفة بأن الله سبحانه قد أمر بالتبيّن في نبأ يأتي به الفاسق، فقال سبحانه: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا](الحجرات/٦)، وأكّد على أخذ الشهادة من العدول – كما في شؤون الطلاق والديون، وغيرهما -، فقال تعالى: [.. وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ…](الطلاق/٢). فكيف في شأن نقل حديث رسول اللهﷺ؟ هذا، ولقد أكّد العلماء أن عدالة الراوي – هذه – تثبت بطريقين: إما بالتنصيص من المعدّلين، وإما بالشهرة والاستفاضة([4]).
ب – شـرط الضبط، وهو – في اصطلاح المحدّثين -: “إسماع الكلام كما يحقّ سماعه، ثم فهم معناه الذي أريد به، ثم حفظه ببذل مجهوده، والثبات عليه بمذاكرته إلى حين أدائه إلى غيره”([5]). ويعرف ضبط الراوي بطرق، أشهرها: “بأن تعتبر رواياته بروايات الثقات المعروفين بالضبط والإتقان، فإن وجدناها موافقة في الأغلب، عرض كونه ضابطاً، وإلا اختل ضبطه، ولم نحتج به”([6]).
هكذا حاول علماء الأمة حفظ حديث رسول اللهﷺ – حدّ الإمكان – من صنفين فرّطا في حفظه: صنف فرّط خيانةً، وصنف فرّط جهلاً وضعفاً. أمّا من خان، فهم الذين تعمّدوا الكذب – لا خطأً، أو نسياناً، أو التباساً – بل لأغراض خبيثة شيطانية، إفساداً للشـريعة، وإيقاعاً للشك، وتلاعباً بالدين. وأمّا من فرّط جهلاً، فهم الذين لم يكن في نيّتهم سوء، ولكن كانت بضاعتهم في العلوم غير مكتملة؛ فإمّا كان في حفظهم خلل، وإمّا كان في نقلهم زلـل. ومنهم طائفة لم يدركوا عظم أمر الوضع، فرووا أحاديث سمعوها من متعصبي مذاهبهم، إمّا ترغيباً للناس أو ترهيباً، وذلك حَثاًّ لهم – بزعمهم – على الخير، وزجراً لهم عن الشـرّ، وإما تقرّباً إلى سلطان ينصرونه، أو شيخ يحبونه، أو رأي يتبنّونه.
لهذا رأى كثير من العلماء – قديماً – أنه لا يلزم من العدالة الضبط بالضـرورة، فقد يكون الراوي عدلاً تماماً، ولكن ينقصه شـرط الضبط، فلا يعدّ ثقة. وهذا مما جعل أحد أكبر شيوخ الحديث – وهو الإمام مسلم بن حجاج النيشابوري – ينقل عن يحيى بن سعيد([7])، في مقدمة صحيحه، أنه قال: “لم نر الصالحين في شيء أكذب منهم في الحديث. قال مسلم: يجري الكذب على لسانهم، ولا يعتمدون الكذب”. قال النووي في شـرحه: “لكونهم لا يعانون صناعة أهل الحديث، فيقع الخطأ في رواياتهم، ولا يعرفونه، ويروون الكذب، ولا يعلمون أنه كذب”([8]).
ولهذا يروي مسلم في مقدمة جامعه الصحيح، عن عبد الله بن ذكوان([9]) قوله: “أدركت بالمدينة مائة، كلهم مأمون، ما يؤخذ عنهم الحديث، يقال: ليس من أهله”([10]).
3- هذا ولقد ألّف العلماء؛ قديماً وحديثاً، مصنّفات ثمينة حول الوضّاعين والكذّابين والمدلّسين، وذكر أحوالهم وأعمالهم، كما أُلّفت كتب عديدة حول جمع الأحاديث الصحيحة والضعيفة والموضوعة، مثل كتاب: الموضوعات لعبد الرحمن بن الجوزي، الذي ذكر فيه عدداً من الوضاعين. وكتاب طبقات المدلّسين لابن حجر العسقلاني، الذي ذكر فيه خمس مراتب للمدلسين. ومثل كتب: التذكرة للمقدسي، واللآلي المصنوعة في الأحاديث الموضوعة للسيوطي، والمقاصد الحسنة للسخاوي، وكشف الخفاء للعجلوني، والأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة لعلي القاري، والفوائد المجموعة للشوكاني، وغيرها من عشرات الكتب..
ثانياً/ رؤية الشهيد سبحاني حول شروط الرواة:
1ـ تأييد سبحاني للعلماء في شرطي (العدل) و(الضبط):
اشترط العلماء – كما أسلفنا – شروطاً لصحة الحديث تتعلّق بالراوي، كما اشترطوا شروطاً تتعلّق بالمتن المروي. وفي مجال شروط الراوي وأشخاص السند، ثنّى العلامة ناصر على ما أقرّه العلماء من شـرطي (العدالة) و(الضبط)، ليكون الراوي ثقة، ولكنه أضاف في ذلك الإطار ملاحظات مهمة، وأصّل للفكرة بطريقته الخاصة، فرأى أن الراوي فرد في المجتمع الإسلامي، ومن طبيعة كل فرد أن يتّصف بقدر من المشتركات مع غيره من الصفات، وقدرٍ آخر معلوم من المختصّات به.. فقال: “هناك من العلم والخلق والعمل ما هو مشترك، أو ينبغي أن يكون مشتركاً بين جميع الأفراد، وما هو مختص ببعض دون بعض. ولن يكون فرد – في جسد المجتمع الإنساني – عضواً صالحاً نافعاً إلا إذا كان متّصفاً بقدر صالح من الشؤون المشتركات، وبعضٍ معلومٍ من المختصات، كأن يكون صادقاً راعياً للأمانات والعهد – وهو خُلُق عام – ، أهلاً لأداء ما عليه، وباتّصافه بالمهارة فيما هو مختص به، واجداً لشـيء يعطيه، فإنه بغير الاتّصاف بالأول، لا يكون ممن يؤدّي ما عليه، وبغير الاتّصاف بالثاني، لا يكون واجداً لشـيء يعطيه”([11]).
وكثيراً ما كان يستشهد العلامة سبحاني – لتأصيل الشـرطين المشهورين: (العدالة) و(الحفظ) – بآيتين قرآنيتين أبرزتا صفتين لازمتين لكمال شخصية المرء من كلا الجانبين، وهما: كونه (أميناً حفيظاً)؛ من جانبه الإيماني السلوكي، و(قويّاً عليماً)؛ من جانبه الاختصاصي المهني. فقال: “قد ورد بيان هذا في قوله – تعالى – حكاية عن ابنة شيخ مدين: [إن خير من استأجرت القوي الأمين]، فإن (الأمينيّة) من الخُلُق العام الذي ينبغي أن يكون وصفاً للناس كلهم. و(القوّة) من الأمر الخاص الذي بالاتّصاف به يكون المرء راعياً (في مثال موسى عليه السلام). وورد أيضاً في قوله تعالى – حكاية عن قول نبيّه يوسف – صلوات الله وبركاته عليه – :[قَالَ اجْعَلْنِي عَلَىٰ خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ](يوسف/٥٥)، فإن (الحفظ) من الخلق العام، و(العلم) بشؤون خزائن الأرض من الأمر الخاص”، ثم استنتج الشهيد ناصر من هذا التأصيل، والأمثلة، قاعدة تضيف شرطاً، فقال: “إذا كان كذلك، فلا بدّ – في مجال تلقّي ما يُروى في بيان أقوال وأفعال وتقريرات رسول اللهﷺ- من اتّصاف الراوي بما له علاقة قريبة بأمر الرواية من الخلق، وذلك الإيمان والتقوى، الأمر الذي يعبر عنه بـ(العدالة)، ومن اتصافه بالمهارة في مجال الرواية، الأمر الذي يعبر عنه بـ(الضبط)”([12]).
إلى هنا يتفق الشهيد مع ما شاع في كتب علوم الحديث حول شروط الراوي، والذي قال ابن الصلاح الشهرزوري بأنه عليه إجماع جماهير أئمة الحديث([13])، حيث قال: “أجمع جماهير أئمة الحديث والفقه على أنه يشترط فيمن يحتج بروايته أن يكون عدلاً، ضابطاً لما يرويه”([14])، ثم فصّل كلامه في معنى العدالة، بأن يكون مسلماً عاقلاً بالغاً، سالماً من أسباب الفسق، وخوارم المروءة. وختم الشهيد كلامه في تأييد العلماء، بقوله: “أمّا العدالة، فقد أحسن أهل الحديث في بيان الضوابط والموازين التي تعرف هي بها، إلا أن فيما قالوا أشياء تؤخذ عليهم([15])، وهي التي سأشير إليها في الفقرة الآتية:
2 ـ ملاحظاته على شرط العدالة:
ا ـ قوله في الصحابي، وتعريفه:
لقد انتقد الشهيد سبحاني التعريف الشهير الذي ورد في كتب الأصول بأن الصحابي هو: “من رآه رسول الله، أو رآه هو، مؤمناً([16])، فقال: “أمّا القول الأول: (الصحابي من رآه رسول الله، أو رآه هو، مؤمناً)، فلم يكن ينبغي أن يقوله من يعلم الفرق بين ما ينشؤه قضاء بضع سنين في ملازمة إمام هدىً؛ من المَلَكات الطيّبة، والأخلاق الحسنة، وبين ما يحدث في لقاءات عابرة، وزيارات عاجلة، من أحوال عارضة زائلة([17])!
أقول: صحيح أن جمهور أهل الحديث لا يقبلون بمثل هذا القول، ولكن مع ذلك وردت إشارات من بعض كبار السلف من الأصوليين قريبة من هذا القول، فلقد قال سعيد بن المسيب: “كان لا يُعدّ صحابياً إلا من أقام مع رسول الله سنة أو سنتين، وغزا معه غزوة أو غزوتين([18]). وبهذا أخرج جماعات الوفود من الصحبة، واشترط ضمناً التأثّر والتأسّي والاتّباع، بينما قال غيره ما يناقض هذا تماماً، فقال ابن المديني([19]): “الصحابي من صحب النبيﷺ، أو رآه، ولو ساعة من نهار. وقال مثله ابن حزم”، ولم أر قولاً شبيهاً بما قاله سعيد بن المسيب من بين علماء الأمة، فالسائد في كتب التراث هو ما أقرّه أهل الحديث، ولكن هناك من حرّك هذا الموضوع من المعاصرين، وانتقد تعريف أهل الحديث للصحابي؛ منهم من يعدّ من العلماء، ويعتبر نظره اجتهاداً، ومنهم الشيخ صالح مهدي المقبلي([20])، الذي عدّه الشوكاني من المجتهدين اجتهاداً مطلقاً، وكان زيديّاً، فترك التمذهب بمذهب، واجتهد، توفي عام 1108هـ/1696م. ومنهم من اتّهم بتأثره بالمستشـرقين، الذين يشككون في السنّة والسيرة النبوية.
على كل حال، يلاحظ أن بين تعريف أهل الحديث للصحابي، وبين الأصوليين، بوناً شاسعاً، فأكثر الأصوليين – على خلاف المحدّثين – عرّفوا الصحابي بأنه: “من طالت مجالسته للنبيﷺ على طريق التبع له، والأخذ عنه، بخلاف من وفد عليه، وانصـرف بلا مصاحبة ولا متابعة([21]).
ولكي لا يساء فهم الموضوع، ولا يُتصور أن البحث يمسّ مقام صحبة الصحابة الكرام – رضوان الله عليهم-، أكّد الشهيد ناصر على أن أهمية الأمر تكمن في أن الموضوع يتعلّق بتلقّي الدين، ولا يتعلّق بالأشخاص، فقال: “ليس الأمر أمر تمييز أناس عن أناس بحدّ ذاته، فلو كان كذلك لكنّا عنه في غنى، ولكنه القيام بواجب تمييز من هم أهل لأن يُتلقّى منهم الدين عن غيرهم. ثم إنه ليس حكمنا على امرئ بأنه من هؤلاء أو من أولئك، يغيّر أمراً واقعاً، ويعيّن مصيراً، فقد نخطئ في بعض أحكامنا، ولكننا معذورون، فإن الاحتياط لدين الله يقتضـي ذلك، وليس علينا أن نصل في الحكم إلى الجزم، بل يكفي أن يقع التردّد في شأن أحد، لنأبى قبول روايته، ثم نَكِلَ أمره إلى الله([22]).
ب ـ تجنّب الدور الممتنع في إثبات صحبة الصحابي:
من الملاحظات الأخرى التي أشار إليها سبحاني في مذكرته المقدمة إلى مؤسسة السيرة والسنّة النبوية: احتمال الوقوع فيما سمّاه المنطقيون بالدور الممتنع([23]) لدى تحديد مقام الصحّبة للرواة وصفاتهم. لأن معظم المحدثين اعتمدوا على قول الراوي: (سمعت رسول الله)، لإثبات صحبته. ولا شك أن هذا الأمر بالنسبة لمن ثبت كونه صحابياً أمر عادي، ولكنه كيف يثبت لمن لم يثبت كونه صحابياً، إلا من خلال مقاله هو!؟ قال سبحاني في ذلك: “مما لا يُقضـى منه العجب أن كثيراً من أولئك إنما قيل بصحبتهم لروايات لا يقبلها إلا من يقبل الدور الممتنع. وذلك أن كثيراً ما وقع أن قيل بصحبة رجل – أو امرأة – لأنه روي عنه أنه قال: سمعت رسول الله يقول كذا.. وهذا دور ممتنع، فإنه إنما قيل بصحبته لأنه قال: سمعت رسول الله، وإنما قبل قوله: سمعت رسول الله، المبني عليه القول بصحبته، على أساس كونه عدلاً! وواضح أن هذا الاعتقاد إنما جاء من توهّم كونه صحابياً، فإنما قيل بصحبته، وتوُهّم ذلك، بعد توهّم كونه صحابياً، والقول بذلك، فلزم تقدّم الشيء على نفسه، وذلك محال..([24]).
قلت: ولقد تحدّث العلماء عن طرق إثبات الصحبة، وقيل في ذلك أشياء، منها: حصول التواتر بأن شخصاً صحابي، ثم الاستفاضة والشهرة القاصرة عن التواتر. ثم بأن يروى عن أحد من الصحابة أن فلاناً له صحبة، ثم بأن يقول هو – إذا كان ثابت العدالة والمعاصرة -: أنا صحابيّ. والإشكال الذي أثاره الشهيد هو في الحالة الرابعة، أي في من ادّعى الصحبة بنفسه. ولقد أشار العلماء([25]) بأن الشـرطين لازمان لمن قال: أنا صحابي، الشـرط الأوّل: العدالة، لأن قوله أنا صحابي قبل ثبوت عدالته، يلزم من قبول قوله إثبات عدالته، لأن الصحابة كلهم عدول، فيصير بمنزلة قول القائل: أنا عدل، وذلك لا يقبل. وأمّا الشرط الثاني – وهو المعاصرة – فيعتبر بمضـي مائة وعشـر سنين من هجرة النبي، واستدلوا بقوله ﷺ في آخر عمره لأصحابه: (أرأيتكم ليلتكم هذه؟ فإن على رأس مائة سنة منها لا يبقى ممن هو على ظهر الأرض أحد)، وزاد مسلم من حديث جابر: أن ذلك كان قبل موتهﷺ بشهر([26]).
ولقد نوّه الحافظ ابن حجر العسقلاني، في كتابه القيّم (الإصابة في تمييز الصحابة)، إلى الحالة الأخيرة، فيرى أن في إثبات الصحبة بهذه الطريقة خلافاً بين أهل العلم، لأن يكون فيها نوع من الدور والتسلسل، لأن الصحبة لكي تثبت، فلا بدّ أن تثبت بخبر صحابي، وهو لا تثبت له الصحبة إلا بخبره هو، وهكذا ففيها دور([27]).
ج ـ قوله في قاعدة: الصحابة كلهم عدول:
هذا الموضوع أثير أيضاً في كتب التراث، ولكن لم يعالج بصورة تستقر لها نفوس كثير من المحققين، حيث يلاحظ أن العاطفة – وأحياناً التعصب للرأي – غالب على صبغ الموضوع بصبغة معينة. فالذي اشتهر، واستقرت عليه الآراء، بحق الصحابة هو أنهم “كلهم عدول”، قاله قديماً الإمام مالك، ثم شاع منذ عهد ابن الصلاح الشهرزوري، وقاله ابن حجر العسقلاني، وابن عبد البر، وإمام الحرمين، والسخاوي، وغيرهم([28]). ولهذا استقر رأي جمهور العلماء على أن “الأصل عدالة الصحابة، وعدم السؤال حولها، لكونها معلومة بتعديل الله تعالى وثنائه عليهم”([29]). وبناءً عليه أقرّوا بأن بساطهم قد طُوِي، ولا يخضعون لأي جرح وتقييم.
ولكن ذهب البعض إلى أنهم كغيرهم ممن جاء بعدهم، معرّضون للبحث والتفتيش عن أحوالهم، وقالوا: “إن النصوص الواردة في بيان فضلهم وتعديلهم لا تتضمن عصمتهم في مستقبل الزمان… والقول بالعدالة يخص بمن اشتهر منهم، ومن عداهم كسائر الناس، فيهم العدول وغيرهم”([30]). وهذا الكلام – في نظري – لا يليق بمقام الصحابة الكرام، فمعالجة هذا الموضوع يحتاج إلى أسلوب خاص يستند على البرهان القرآني بالدرجة الأولى.
ولهذا يختلف أسلوب العلامة ناصر سبحاني في تداول هذا الموضوع، عن مثل ما نقلناه، فقد عالجه وأصّله من منظور قرآني، بعيداً عن التعصّب والتعسّف والإفراط، فقال: “أمّا قول العلماء بأنهم (أي الصحابة) عدول: فإن كان المراد به أن كل الذين كانوا مؤمنين حقاًّ عدول، فقول حقّ، فإن كل مؤمن عدْل، ولكن ذلك لا يعفينا من البحث – في حدود الإمكان – لتمييز من هم مؤمنون حقاً عن غيرهم، بل إنه يقتضيه. وإن كان المراد أن الذين كانوا مؤمنين في الظاهر كلهم عدول، فقول ليس عليه من دليل، بل إنه مخالف لكثير من آيات كتاب الله، مباين للواقع. فلا بدّ من البحث لتمييز الذين كانوا مؤمنين حقاً، عن الذين قالوا آمنا بأفواههم، ولم تؤمن قلوبهم”. ثم بدأ بالاستدلال بالقرآن لدعم رأيه، فقال: “.. فإن أردنا أن نبني الأمر على أساس لا يزلزله شيء، فإن علينا أن نرجع إلى كتاب الله، فإن فيه بيان رضى الله عن السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان([31])، وبيان رضاه عن أصحاب بيعة الرضوان([32])، وبيان توبته على المهاجرين والأنصار الذين اتبعوا النبيﷺ في ساعة العسـرة([33])، وبيان وعده الحسنى للذين أنفقوا من قبل الفتح وقاتلوا، والذين أنفقوا من بعد وقاتلوا”([34]).
ولحلّ إشكالية عدم القدرة على تمييز تلك الطبقات أو الفئات من الصحابة، وصعوبة تحديدهم، وضع الشهيد ناصر قاعدة مهمة، فقال: “نعم، قد يتعسـّر أو يتعذّر تمييز من أنفق وقاتل في سبيل الله، عمّن أنفق وقاتل في غير سبيل الله. وقد يتعسر أو يتعذّر – كذلك – تمييز المهاجرين والأنصار في الله، من الذين اتبعوا النبي في ساعة العسـرة، عن من هاجر أو نصـر لدنيا يصيبها، أو امرأة ينكحها. ولكن تمييز السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، وتمييز الذين بايعوا الرسولﷺ تحت الشجرة، كلّهم، أو أكثرهم، أمر يسير غير عسير، فتُعرَف أولئك بأعيانهم، وننظر في سيَر غيرهم، فمن كانت سيرته اتّباع السابقين الأولين بإحسان، ألحقناه بهم، ومن كان قد رُوي في شأنه خلاف ذلك تركناه، احتياطاً لدين الله، لا حكماً عليه بأنه من غير جماعة الصالحين”([35]).
وهكذا نوّه الشهيد إلى حقيقةٍ أثارها القرآن الكريم؛ حقيقة تصنيفه لمجتمع الصحابة، والإشارات الصريحة في كثير من الآيات إلى طبقات منهم، مع وجود التفاضل بين طبقة وطبقة. ويمكن – للتأكد من ذلك – مراجعة التفاسير في آيات (سورة التوبة)، التي ذكرت تسعة شرائح – أو طبقات، حسب مصطلح العلماء – وذكرت لكل طبقة منهم خصوصيات وحالات وأوصافاً تعكس حقيقة وجود المراتب والفوارق، التي اقتضت أن يؤكد القرآن – بناءً على ذلك – وجود حقيقة التفاضل البتة.
وقد يقال إن معظم ما أشار إليه القرآن – لا سيما في سورة التوبة – من حالات الضعف التي تقدح في عدالة من أشار إليهم، إنما المقصود بهم المنافقون، حيث كانوا يلمزون الرسول في الصدقات، ويسخطون إن لم يُعْطَوْها، وكذلك يلمزون المطّوّعين من المؤمنين، والباحثين عن العَرَض القريب والسفر القاصد، من المرتابين قلوبهم، الذين قلّبوا للرسول الأمور، ويصلّون وهم كسالى، وينفقون وهم كارهون، الذين رضوا بالقعود مع الخوالف حيناً، وكره الله انبعاثهم حيناً آخر، والذين ابتغوا الفتنة من أولي الطول، الذين كانوا يتربصون بالمؤمنين الدوائر.
ولكن من حقّ المحققين أن يسألوا: إن كان ذكر هذه في أولئك، فذكر حالات أخر، وأشكال أخرى – من التي وردت في القرآن – كان بحقّ من؟ لا سيما في السياقات التي يستبعد فيها أن يكون بحقّ المنافقين؟ كحالة التثاقل إلى الأرض في آية تخاطب المؤمنين فيها،” وكقوله تعالى: [لَوْ خَرَجُوا فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ](التوبة/٤٧)، وهي صريحة بحق المؤمنين. ثم من هم الآخرون الذين اعترفوا بذنوبهم، الذين خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً([36])، ولا يمكن أن يكونوا من المنافقين؟ ومن هم الآخرون المُرْجَوْن لأمر الله، الذين لم يعلن عن مصيرهم، وهم بالتأكيد ليسوا من المنافقين؟([37])
أضيف أن القرآن الكريم قد صرّح بأنه لا يستوي الصحابة القاعدون من المؤمنين غير أولي الضـرر، والمجاهدون في سبيل الله، الذين فضّلهم عليهم درجة، رغم أن الله وعد كلاّ منهما الحسنى، (الآية 95 من سورة النساء). وكذلك صرّح بأنه لا يستوي من أنفق قبل الفتح وقاتل، ومن تأخر عن أولئك الصحابة، فهم أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا، (الآية 10 من سورة الحديد).
د ـ شرط عدم مخالطة السلاطين:
يؤيد ناصر سبحاني علماء الحديث فيما اشترطوه للرواة من العدالة والضبط، ولكنه يرى أنه من الضـروري إضافة شرط؛ يرى في عدم ملاحظته اختلالاً، فيقول: “أمّا في عدالتهم – أي الرواة -، فيكفي ما قرّره أهل الحديث إذا زدنا في أسباب الجرح: مخالطة السلاطين، ومجالستهم، لغير الإصلاح”([38]). حيث يرى الشهيد أن هذا مما يقدح شخصيتهم، كائناً من كان. ثم ذكر بعد ذلك أنه ليس مع المتساهلين من أهل الجرح، بل يرى أن رعاية الاحتياط لدين الله تقتضـي أن يؤخذ بآراء قوية، بعيداً عن التعنّت والتحكّم.
ولا بدّ هنا من الإشارة إلى أن الحديث عن مخالطة السلاطين والأمراء – لا سيما الظلمة منهم – حديث ذو شجون في كتب التراث، فلقد تحدّث عنه كثير من الفقهاء والمفسـّرين والعلماء – عموماً -، وهناك شبه إجماع على حرمة مخالطة السلاطين والملوك والأمراء، بغير قصد إنكار المنكر، أو النصح، أو جلب مصلحة عامة، أو درء مفسدة، أو إيصال مظلمة أحد الرعايا؛ وهي تدخل في ما سمّاه القرآن بالركون إلى الظلمة، في قوله تعالى: [وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنصَـرُونَ](هود/١١٣)، فإن أهل اللغة فسـّروا الركون بالميل والسكون([39]).
ولقد كان من أدب وأخلاق كبار المصلحين من الدعاة أن ينبّهوا إخوانهم من مغبّة الوقوع في هوى مخالطة الحكام، فهناك قصص كثيرة، وروايات عديدة، لكبار العلماء الربانيين الذين كانوا يذكّرون إخوانهم. وكان الشهيد ناصر نفسه مثالاً حياً للابتعاد عن الحكام، ونصح إخوانه من العلماء الذين كانوا أصدقاءه، أن يبتعدوا عن السلطة التي لا أمل في إصلاح قادتها، ولكن اختاروا أن يبقوا معها بنيّة الإصلاح حيناً، ومن باب اختيار أخف الضـررين، ورعاية المصلحة – في نظرهم – حيناً آخر، ولكنه كان يؤكد دوماً على أن الضعفاء من العلماء ليس بإمكانهم أن يصلحوا ما أفسده الحكام، بل يكون التأثير عكسياً، فالمتزاورون معهم سيتأثرون بهم يوماً من الأيام، عدا أن الضعفاء منهم قد لا ينجحون أثناء ابتلائهم بفتنة الإغراءات، ولا يصبرون – بعيدين – في مدّ عيونهم إلى ما متّع الله به أولئك من زهرة الحياة الدنيا ومتاعها. وكان الشهيد ناصر من أشد المعجبين بالرسالة التاريخية التي أرسلها أحد العلماء إلى أبي بكر الزهري (ت: 124هـ/741م)([40])، الذي يُعدّ من كبار التابعين، يذكرّه فيها بترك مخالطة السلاطين، ونحن ندري من هم السلاطين في عصره. كتب صاحبه – كما نقل الزمخشـري نصّه في تفسير (الكشّاف) – إلى الزهري، يقول له فيها: “عافانا الله وإيّاك – يا أبا بكر – من الفتن، فلقد أصبحت شيخاً كبيراً، وقد أثقلتك نعم الله بما فهّمك من كتابه، وعلّمك من سنّة نبيّه، وليس كذلك أخذَ الله الميثاق على العلماء. قال الله تعالى: [وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ](آل عمران/١٨٧). واعلم أن أيسـر ما ارتكبتَ، وأخفَّ ما احتملتَ، أنك آنستَ وحشة الظالم، وسهّلتَ سبيل الغي، بدنوِّك ممن لم يؤدّ حقاً، ولم يترك باطلاً، حين أدناك. اتخذوك قطباً تدور عليك رُحا باطلهم، وجسـراً يعبرون إلى بلائهم، وسُلّماً يصعدون فيك إلى ضلالهم. يُدخلون الشك بك على العلماء، ويقتادون بك قلوب الجهلاء. فما أيسـر ما أخذوا منك، في جنب ما أعطوك! وما أقلّ ما أصلحوا، بجنب ما أفسدوا عليك من دينك! فداوِ دينك، فقد دخله سُقم، وهيّء زادك، فقد حضـر السفر البعيد، وما يخفى على الله من شيء في الأرض ولا في السماء، والسلام”([41]).
هذا، ولقد عدّ العلامة ابن الجوزي مخالطة السلاطين من تلبيسات إبليس على العلماء، وخطّأهم في زعم بعضهم أنهم يدخلون عليهم بنيّة الخير، وحذّرهم أن الدخول عليهم خطر عظيم، ولا تشفع النية الحسنة، لأنهم قد يتأثرون بالإكرام عليهم، فلا يتماسكون إثر ذلك عن مداهنتهم، والسكوت عن الإنكار عليهم، هذا حال من صدقت نيّته، فكيف بمن خالط وفي نفسه ميل، أو في قصده غبش؟!([42])
3ـ كلامه على شرط الضبط في راوي الحديث:
للعلامة سبحاني ملاحظة على شرط (الضبط)، الذي وضعه العلماء لقبول الرواية في أيّ راوٍ للحديث، فلقد أثنى في ذلك على جهود العلماء قبله، ولكنه قسّم الضبط إلى ثلاث مراحل، هي:
1ـ مرحلة التلقّي للرواية، 2ـ ومرحلة حمل الرواية، 3ـ ومرحلة أداء الرواية.
أما المرحلة الثانية والثالثة للعملية، فيقول فيهما: “قد أحسن أهل الحديث في بيان الضوابط والقواعد المتعلقة بالحمل والأداء”([43])، ولكنه يرى أنهم لم يوفّوا أمر التلقّي حقّه، فقال: “أما في بيان ما يتعلّق بالتلقّي، فعندي أنهم لم يوفّوا الأمر حقّه، وذلك أن لكل كلام لفظاً، ومدلولاً لغوياً، وغرضاً، والمقصود بالذات من الثلاثة: الغرض. وأمّا الأوّلان فإنما هما وسيلتان إلى ذلك، فمن كان من أهل اللسان المتكلّم به، وأدرك غرض الكلام وفِقِهه، فقد تلقّاه، ولا يعسـر عليه أن يحمله، ثم يؤدّيه إذا شاء، أداءً يمكّن السامع من فقهه، سواءً بلفظه الذي سمعه، أو بغير ذلك. وأمّا من لم يفقه الكلام، فإنه لا يُؤمَن أن يخطئ في أدائه، ولو رواه بلفظه الذي سمعه. وذلك أن أداء الغرض لا يكفي فيه – في كثير من الأحيان – اللفظ والدلالة اللغوية، بل يكون معتمداً – كذلك – على تمهيد من حال السامع، والظرف الذي هو فيه، وعلى مساعدة من طريقة المتكلم في الإلقاء، فإذا تصدّى من سمع كلاماً لروايته، فإنه عليه أن يتصـرّف في المرويّ تصـرّفاً يتأدّى به الغرض، ولا يجوز له الاقتصار على نقل اللفظ المسموع، الأمر الذي قد يؤدّي إلى غير ما أراد المتكلم”([44]).
مهّد الشهيد ناصر بكلامه هذا لأمر آخر، أشرنا إليه في المبحث السابق، وهو ما يتعلّق بتعريف الصحابي، ومعنى الصحبة، وكيفية تحققها، فهو لا يُخفي ولا يرى حرجاً في أن يؤيّد قول سعيد ابن المسيب في أن الصحبة لا تتحقق بأقل من سنة أو سنتين، أو الاشتراك مع رسول اللهﷺ في غزوة أو غزوتين – كما أسلفنا –([45])، ولهذا يقول سبحاني بالحرف: “لا بدّ – في حصول الاقتدار على إدراك تلك الأغراض، وتلك المفاهيم – من صحبة طويلة لمن جاء بالهدى -صلوات الله عليه-، لا لقاءات عابرة، وزيارات عارضة، لا تُحدِث ـ في الغالب ـ الاقتدار المذكور”([46]).
هذا فيما يتعلّق برواة الحديث، وشروطهم، وسنخصص الحلقة القادمة للمرويات وشروطها، بإذن الله تعالى.
[1] – ينظر: د. عبد الكريم زيدان ود. عبد القهار داود، علوم الحديث، بغداد، مطبعة عصام، 1418هـ/ 1990م، ص: 80.
[2] – السند: في اللغة: انضمام شيء إلى شيء. وفي اصطلاح أهل الحديث هو: “الطريق الموصل إلى متن الحديث. “ينظر: عبد الله عثمان، قواعد المحدثين، القاهرة، دار السلام، 1426هـ/2005، ص: 26.
[3] – المصدر السابق، ص: 191، نقلاً عن: عثمان بن عمرو ابن الحاجب (ت 646هـ/1248م)، منتهى الوصول والأمل، دار الكتب العلمية، ص: 77.
[4] – عبد الله عثمان، قواعد المحدثين، ص: 204.
[5] – الشريف الجرجاني، علي بن محمد، (ت: 816 هـ/1413م)، مقدمة التعريفات، ص: 6.
[6] – ابن الصلاح الشهرزوري، علوم الحديث، ص: 106.
[7] – هو: يحيى، بن سعيد، بن فروغ، القطان، أبو سعيد، الشهير بأمير المؤمنين في الحديث. قال بحقّه أحمد بن حنبل: أثبت الناس، وكان عالماً بالرجال. من أقواله: لا تغترّوا بالحديث، إذا لم يصح الإسناد. توفي عام 198هـ/813م. (انظر لسيرته: الذهبي، تذكرة الحفاظ، 1/298، وتهذيب التهذيب لابن حجر، 16/216، وغيرها).
[8] – شرح النووي على صحيح مسلم، المقدمة، ص: 7.
[9] – عبد الله بن ذكوان: الإمام الفقيه الحافظ أبو عبد الله القرشي المدني، كان من حفّاظ الحديث. وله روايات عديدة، توفي عام 130هـ/747م. (انظر لسيرته: الذهبي، سير أعلام النبلاء).
[10] – شرح النووي على صحيح مسلم، المقدمة، ص: 7.
[11] – ناصر سبحاني، رسالة في علوم الحديث، ص: 26.
[12] – المصدر نفسه، ص: 26-27.
[13] – قلت: ادّعاء الإجماع في مثل هذه الأمور غير مستساغ، إلا إذا استعمل من باب التغليب، أو استعمل استعمالاً لفظياً فقط، حيث يصعب إثباته في مثل هذا الأمر، والإجماع غير ما عليه الجمهور، كما أكدنا على ذلك مراراً.
[14] – ابن الصلاح الشهرزوري، علوم الحديث، ص: 94.
[15] – ناصر سبحاني، رسالة في علوم الحديث، ص: 28.
[16] – ينظر: الشهرزوري، علوم الحديث، ص: 293 وابن حجر العسقلاني، الإصابة، 1/10.
[17] – ناصر سبحاني، رسالة في علوم الحديث، ص: 28.
[18] – ابن الصلاح، علوم الحديث، ص: 4.
[19] – ينظر: الزركلي، الأعلام، 3/ 197.
[20] – المقبلي: هو صالح بن مهدي بن علي، المقبلي، الصنعاني. ولد عام (1047هـ) في قرية المقبل، وأخذ العلم عن جماعة من أكابر علماء اليمن، ثم دخل بعد ذلك صنعاء، وجرت بينه وبين علمائها مناظرات أوجبت المنافرة، لما فيه من الحدة، ونبذ التقليد. ثم ارتحل إلى مكة، واستقر بها حتى وفاته. من مؤلفاته: حاشية البحر الزخار، المسماة بالمنار، ونجاح الطالب على مختصر ابن الحاجب، والإتحاف لطلبة الكشاف. توفي سنة (1108هـ). ينظر: موقع ملتقى أهل الحديث: www.ahlalhdeeth.com.
[21] – السيوطي، تدريب الراوي، 2/ 672.
[22] – ناصر سبحاني، رسالة في علوم الحديث، ص: 28.
[23] – الدور الممتنع، واحد من القوانين الثلاثة المنطقية: ا ـ قانون الهوية أو الذاتية، وهو: أن الشيء هو نفسه. ب ـ وقانون عدم التناقض، وهو: لا يمكن أن يكون (أ) و( لا أ) في آن واحد. ج ـ القانون الثالث الممتنع، هو إما أن يكون الشيء(أ) أو (لا أ)..ينظر: موقع ويكيبيديا الحرة.
[24] – ناصر سبحاني، رسالة في علوم الحديث، ص: 29.
[25] – ينظر: ابن صلاح الشهرزوري، المقدمة، ص: 146.
[26] – البخاري، جامع الصحيح، كتاب مواقيت الصلاة، باب ذكر العشاء، برقم: (1966).
[27] – ينظر: ابن حجر العسقلاني، الإصابة في تمييز الصحابة، المقدمة، 1/9.
[28] – ينظر ذلك: ابن حجر، الإصابة، 1/9، وابن عبد البر، الاستيعاب بهامش الإصابة، 1/9.
[29] – عبد الله شعبان، قواعد المحدثين، ص: 316.
[30] – المصدر نفسه، ص: 312.
[31] – وذلك في قوله تعالى: [وَٱلسَّٰبِقُونَ ٱلأَوَّلُونَ مِنَ ٱلمُهَٰجِرِينَ وَٱلأَنصَارِ وَٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُم بِإِحسَٰنٖ رَّضِيَ ٱللَّهُ عَنهُم وَرَضُواْ عَنهُ وَأَعَدَّ لَهُم جَنَّٰتٖ تَجرِي تَحتَهَا ٱلأَنهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدٗا ذَٰلِكَ ٱلفَوزُ ٱلعَظِيمُ](التوبة/١٠٠).
[32] – وذلك في قوله تعالى: [لَّقَد رَضِيَ ٱللَّهُ عَنِ ٱلمُؤمِنِينَ إِذ يُبَايِعُونَكَ تَحتَ ٱلشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِم فَأَنزَلَ ٱلسَّكِينَةَ عَلَيهِم وَأَثَٰبَهُم فَتحٗا قَرِيبٗا](الفتح/18).
[33] – في قوله تعالى:[لَّقَد تَّابَ ٱللَّهُ عَلَى ٱلنَّبِيِّ وَٱلمُهَٰجِرِينَ وَٱلأَنصَارِ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ ٱلعُسرَةِ مِن بَعدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٖ مِّنهُم ثُمَّ تَابَ عَلَيهِم إِنَّهُۥ بِهِم رَءُوفٞ رَّحِيمٞ](التوبة/١١٧.
[34] – وذلك في قوله تعالى: [وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَٰئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَىٰ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ](الحديد/١٠).
[35] – ناصر سبحاني، رسالة في علوم الحديث، ص: 30.
[36] – في قوله تعالى: [وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ](التوبة/١٠٢.
[37] – وهم المذكورون في قوله تعالى:[ وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ](التوبة/١٠٦).
[38] – ناصر سبحاني، رسالة في علوم الحديث، ص: 32.
[39] – ينظر: الفراهيدي، العين، ص: 367. والفيروزآبادي، القاموس المحيط، ص: 1550. والرازي، مختار الصحاح، ص: 367.
[40] – هو أبو بكر، محمد، بن مسلم، بن شهاب، الزهري، فقيه ومحدث تابعي بالمدينة، رأى عشرة من الصحابة، منهم ابن عمر، وأخذ عنه مالك والثوري، توفى 124هـ/741م.
[41] – أورد الزمخشري في تفسير الكشاف القصة كاملة، ينظر: الزمخشري، الكشاف، ص: 500.
[42] – ينظر لتفاصيل تلبيسات إبليس على العلماء والفقهاء: ابن الجوزي، تلبيس إبليس، ص: 129.
[43] – ناصر سبحاني، رسالة في علوم الحديث، ص: 31.
[44] – المصدر نفسه، ص: 31.
[45] – ينظر: المبحث السابق، فقرة ملاحظاته على شروط العدالة.
[46] – ناصر سبحاني، رسالة في علوم الحديث، ص: 31.
العدد 188 ǀ صيف 2024 ǀ السنة الحادية والعشرون