اليوم التالي لطوفان الأقصى
صلاح سعيد أمين
السابع من أكتوبر عام 2023 منعطف حاسم في تاريخ المنطقة، والعالم بأسره، والمعادلة التي ستفرضها تداعيات معركة طوفان الأقصى لن تنتهي من نقطة اليوم التالي بعد الحرب، الذي يركز عليه الاحتلال الإسرائيلي، والسبب بسيط جداً؛ فاليوم التالي بعد الحرب لا يعني أن الطريق مبسوط أمام الكيان الإسرائيلي ليفعل ما يشاء، وكيفما يشاء، بل بالعكس تماماً، فإنه سيكون بداية الانعطاف الحقيقي، وإن تداعيات معركة طوفان الأقصى في كينونة الأمة الإسلامية، تبدأ ممّا يسميه الكيان الصهيوني، وأعوانه: اليوم التالي بعد الحرب بغزة!
* إن الأمة الإسلامية، منذ سقوط سلطتها في بدايات القرن العشرين، لم تلمس مآسي وويلات ضياع وحدتها وسيادتها مثلما لمسته في معركة طوفان الأقصى؛ اهتزّ بنيانها، وارتعش عمق أعماقها، وهذه – بإذن الله – نقطة مفصلية لبداية صحوة جديدة مستجيبة لطموحات وآمال أبنائها؛ عاجلاً لا آجلاً، إن شاء الله.
* إن معركة طوفان الأقصى أثبتت للعالم أن نهاية الكيان الإسرائيلي حتمية، ولا تحتمل الجدال والمناقشة، وبقاء هذا الجسم السرطاني في فلسطين المحتلة ليس مبنياً على الآلة العسكرية الإسرائيلية، ولا على ترسانتها النووية، ولا على الدعم الأمريكي اللامحدود له على كل الأصعدة؛ سياسياً، وعسكرياً، ومالياً، ومخابراتياً.. بل إن بقاءه بالدرجة الأولى مرتبط بالحكام الذين يفرضون أنفسهم على بلاد المسلمين عن طرق الانقلابات، والانتخابات المزورة، طبعاً بدعم الداعمين للكيان الإسرائيلي.. سنرى بإذن الله تغيير هذه الخارطة لصالح القضايا العادلة، ومنها القضية الفلسطينية.
* إحداث تغيير في وجهات نظر دول العالم حول قضية فلسطين، والاعتراف بالدولة الفلسطينية، وظهور دول داعمة للقانون الدولي، ومحاسبة الكيان الإسرائيلي على انتهاكاته للقوانين الدولية، وإصدار حكم قضائي ضد بعض قادة الكيان.. هو من تداعيات معركة طوفان الأقصى، ولولا هذه المعركة لم يحدث كل هذا التغيير الكبير لصالح القضية الفلسطنية، ربّما في نصف قرن قادم، على الأقل.
* القاصي قبل الداني، والإسرائيلي المحتل قبل الإسباني المعترف بالدولة الفلسطينية، يعرف جيداً أن التطبيع مع الكيان الصهيوني لا يعبّر عن رأي الشارع في بلاد الأمة الإسلامية، والموقف المتخاذل لحكومات وسلطات بلاد المسلمين تسير بالضد من الرأي الشعبي النابض والداعم الثابت للقضية الفلسطينية، وهذه المعادلة ستتغير ولن تبقى إلى الأبد، ومعركة طوفان الأقصى عجلت من ضرورة هذا التغيير لصالح القضايا العادلة في المنطقة، والفلسطينية في مقدمتها. * مع مرور الزمن سيكشف المزيد مما أنتجه طوفان الأقصى، وسيدرك بالعمق القفزة التاريخية التي تشهدها الأمة الإسلامية بفعل هذا الطوفان اللائق بالأقصى، وكل المقدسات في فلسطين المحتلة.
العدد 188 ǀ صيف 2024 ǀ السنة الحادية والعشرون