الرؤية التجديدية للمحاججة العقلية عند بديع الزمان النورسي

د. آمــاد كاظم ([1])

ملخص البحث

 قصد هذا البحث استجلاء مفهوم الحجاج، وبرهنة وجوده في القرآن الكريم، والكشف عن منهج بديع الزمان النورسي في تجديد أساليبه في برهنة حقائق القرآن، من خلال محاججته القرآنية والفلسفية الكلامية والمنطقية العقلية مع خصوم الإسلام. وقد توصل الباحث إلى أنه سلك مسالك عدّة في المحاججة، أولًا: مسلك التواصل والحوار: وقد اتبع في محاوراته أسلوبًا خطابيًا حجاجيًا، ابتغى بذلك استمالة المخاطبين إلى الحق، واستدراجهم إلى الاقتناع. ثانياً: مسلك تأسيس الحجاج، وبرهنته: وقد اعتمد في تجديد أصول الحجاج على مناهج عدة؛ منها: المنهج الحجاجي العقدي الفلسفي، والمنهج المنطقي العقلي، والمنهج اللغوي البلاغي. ثالثًا: مسلك الموازنة والترجيح: وينقسم إلى موازنات صريحة مباشرة، وأخرى ضمنية غير مباشرة. رابعًا: مسلك التفكيك والهدم: وذلك بتفكيك حجج الخصوم، وتفنيدها، والرد على شبهاتهم، وإبطال اعتراضاتهم.

  المقدّمة:

إن الوحي الإلهي – المتمثل في الكتب المقدّسة – هو الأمانة التي حملها الإنسان من دون الكائنات، وبها فُضِّل عليها، واستُخلِف في الأرض. وبما أن العقول متفاوتة ومحدودة، ومختصة بالعلوم المادية والفكرية، من دون الحقائق الغيبية، أرسل الله الرسل، وأنزل معهم الكتب؛ ليرشدوا الناس إلى الحقائق الإيمانية الغيبية. ومن الحكمة الإلهية أن تلكم الكتب ضمت حججًا وبرهين ودلائل قطعية ملزمة للإيمان بها، كما قال تعالى: [رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا](النساء: ١٦٥). تدل الآية بمنطوقها على أنه لا تكليف إلا بعد إرسال الرسل، وإقامة الحجة الواضحة اليقينية. وبما أن الرسالات اختتمت بالقرآن الكريم، فقد حوى القرآن أسمى أساليب البلاغة الحجاجية، إذ ضمت في أسلوبها الحجاجي مع المخالفين الحجج الجدلية، والبراهين العقلية، والأقيسة المنطقية، بأساليب خطابية تناسب المستويات المختلفة، والطبقات المتفاوتة، بحيث تحس كل طبقة أنها هي المعنية بالخطاب. فقد حاجج الشعراء، وأهل اللغة، بما يتقنونه من الفنون اللغوية، وحاجج أهل الكتاب بما يجدونه مكتوبًا في كتبهم، وحاجج الفلاسفة ببرهنة الحقائق الإيمانية بحجج جدلية عقلية، وأقيسة منطقية ملزمة لهم، وحاجج العرافين والكهان، بأخبار غيبية غائبة عنهم. ولا زالت حججه تتجدد يومًا بعد يوم، فقد برهنت الآيات العلمية الإعجازية فيه، أن الاكتشافات العلمية الحديثة تزيد القرآن رسوخًا في الإعجاز والمحجة. وقد أشار إلى ذلك الأستاذ النورسي قائلًا: إن القرآن الحكيم يخاطب كل طبقة من طبقات البشر، في كل عصر من العصور، وكأنه متوجه توجهاً خاصاً إلى تلك الطبقة بالذات”([2]). وعلل الأستاذ افتراءات المشركين على القرآن، ومحاربتهم للمسلمين، بعجزهم عن معارضته بالحجج والبراهين، إذ قال: “فلو كانت المعارضة ممكنة، لما كان أولئك الكفار يختارون طريق الحرب والدمار، ويلقون أنفسهم وأموالهم وأهليهم إلى التهلكة، ويَدَعون طريق المعارضة القصيرة السهلة. فالمعارضة غير ممكنة، وليست في طوق البشر. إذ هل يمكن لعاقل فطن – ولا سيما أهل الجزيرة العربية، ولا سيما قريش الأذكياء – أن يُعرّض نفسه وماله وأهله للخطر، ويختار طريق الحرب والدمار، إن كان باستطاعته سلوك طريق المعارضة، ولو بسورة من القرآن، من أديب منهم، فينقذ نفسه وماله من التحدي القرآني، إن كان إتيان مثله سهلاً ميسوراً”([3]). فلما حاججهم القرآن بما يمتلكون من مواهب، وألزمهم الحجة، وثبت عجزهم عن المحاججة، اضطروا إلى المقارعة بالسيوف.

وقد صرح بوجود الحجاج في القرآن الكريم، العلماء المتقدمون والمتأخرون. وقد صنف بعضهم مصنفات في ذلك([4]). وقد شدد ابن القيم الجوزية([5]النكير على من أنكر الحجاج في القرآن، إذ قال: “يظن جهال المنطقيين، وفروخ اليونان، أن الشريعة خطاب للجمهور، ولا احتجاج فيها، وأن الأنبياء دعوا الجمهور بطريق الخطابة، والحجج للخواص، وهم أهل البرهان، يعنون أنفسهم ومن سلك طريقتهم. وكل هذا من جهلهم بالشريعة والقرآن، فإن القرآن مملوء من الحجج والأدلة والبراهين في مسائل التوحيد، وإثبات الصانع، والمعاد، وإرسال الرسل، وحدوث العالم، فلا يذكر المتكلمون وغيرهم دليلًا صحيحًا على ذلك، إلا وهو في القرآن بأفصح عبارة، وأوضح بيان، وأتم معنى، وأبعده عن الإيرادات والأسئلة”([6]).

وينقسم هذا البحث على مرتكزين: الأول حول دلالة الحجاج، ومفهومه الاصطلاحي. والثاني: عن منهج الأستاذ النورسي في محاججته لبرهنة الحقائق القرآنية.

                                               المرتكز الأول

دلالة الحجاج، ومفهومه الاصطلاحي

أولاً: الدلالة اللغوية للفظة (الحجاج):

إن أصل مادة الحجاج في اللغة العربية هو (ح.ج.ج)، وقد اشتُقَتْ منه (الحجة، والحجاج، والتحاج، والمحاجة، والمحاججة‌)، وهي كلها ألفاظ متقاربة من حيث الدلالة، تقول: حاججته أحاجه حجاجاً ومحاجة، حتى حججته، أي: غلبته بالحجج التي أدليت بها. وحاجه محاجة وحجاجاً: نازعه الحجة. بناءً على ذلك، يكون الحجاج النزاع والخصام بواسطة الأدلة والبراهين والحجج. والحُجّة: الْوَجْه الَّذِي يكون بِهِ الظفر عِنْد الْخُصُومَة، وَجَمعها حُجَج. وإنما سميت حجة؛ لأنها تحج أي تقصد؛ لأن القصد لها وإليها. وكذلك محجة الطريق هي المقصد والمسلك،والحجة الدليل والبرهان. ويقال إنه رجل محجاج، أي جدل ([7]).

ويستنتج من ذلك أن دلالة الحجاج ترتكز على مدلول رئيس، وهو المخاصمة والمنازعة بقصد الظفر. وأن وجه الشبه بين الحجاج والجدال هو المنازعة والمخاصمة، ويستلزم ذلك وجود طرفين بينهما سجال أو جدال. ومن خلال استقراء الباحث المعاجم اللغوية، ألفى أن الحجاج يتضمن الدلالات الآتية 🙁 الجدال، التخاصم، التنازع، التغالب، إفحام الخصم وإقناعه، استعمال الوسيلة المتمثلة في الاستدلال والبرهنة) ([8]).

ثانيًا: الحجاج بمفهومه الاصطلاحي الشامل:

تداول الفلاسفة، وعلماء الكلام والمنطق واللغة، لفظة (الحجاج)، ومشتقاتها (الاحتجاج، والمحاجة، والحجة)، ومضامينها (المجادلة والمناظرة)، في مجالات متنوعة، أهمها المجالين (العقدي والفلسفي)، اللذين يعتريهما الخلاف والمجادلة كثيرًا. وكذلك المجال اللغوي، بوصفه الوسيلة الموصلة لإقناع الخصم، أو التغلب عليه. وقد تناوله عدد من علماء المسلمين، وفلاسفتهم، ومتكلميهم، وعلماء اللغة، بوصفه مرادفـــًا للجدال ([9]). منهم ابن سينا([10])، إذ عرف الجدل بأنه “مخالفة تبغي إلزام الخصم بطريق مقبول محمود بين الجمهور”([11])،وهو بذلك يجعله مرادفًا للحجاج. في حين ذهب المعاصرون بأنه لا ترادف بينهما من الوجوه جميعها، وأن وجه الصلة بينهما هو المنازعة والمخاصمة فحسب، مؤكدين أن الحجاج أوسع من الجدل، إذ إن كل جدل حجاج، وليس كل حجاج جدلاً، وعدّوا الحجاج قاسمًا مشتركًا بين الجدل والخطابة ([12]). وعرّفه الفيلسوف المغربي المعاصر د. طه عبد الرحمن([13]): بأنه “كل منطوق مُوجَّه إلى الغير، لإفهامه دعوى مخصوصة، يحق له الاعتراض عليها”([14]). وهكذا يظهر أن الحجاج عنده أعم من الجدال، وأنه يشمل كل منطوق؛ سواء أكان حوارًا أم خطابًا أم جدالاً، وأنه قريب من معناه اللغوي، من حيث القصد إلى إقناع المتلقي، وتغيير سلوكه. وقد برهن بأن الحجاج يتضمن الجدال، بقوله عن الحجاج: إنه” فعالية تداولية جدلية، فهو تداولي؛ لأن طابعه الفكري مقامي واجتماعي، إذ يأخذ بعين الاعتبار مقتضيات الحال؛ من معارف مشتركة، ومطالب إخبارية، وتوجهات ظرفية، ويهدف إلى الاشتراك جماعيًا في إنشاء موجّهات بقدر الحاجة. وهو أيضا جـدلي؛ لأن هدفه إقناعي قائم بلوغه على التزام صور استدلالية أوسع وأغنى من البينات البرهانية الضيقة”([15]).

ويستنتج الباحث مما سبق، أن الحجاج أعم من الجدال؛ لأنه يشمل الخطاب أيضًا، فالحجاج الجدلي هو الحجاج القائم على الحجج العقلية الملزمة للخصم، يقصد منها إفحامه، والغلبة عليه. في حين أن الحجاج الخطابي مبني غالبًا على الوسائل العاطفية، يقصد منه إقناع المخاطب، واستمالة قلبه.

وأن معناه الاصطلاحي العام: هو الإتيان بمجموعة من الحجج المختلفة، واستخدام كل وسيلة من وسائل الإقناع، عدا العنف والإكراه، لبرهنة قضية ما، أو تفنيدها.

المرتكز الثاني

منهج الأستاذ النورسي في محاججته العقلية لبرهنة الحقائق القرآنية

 من خلال مطالعة الباحث لرسائل النور، وقراءتها قراءةً موجهة، أدرك أنها رسائل نورانية، يكمن في ثناياها، ودلالات عباراتها، ومضامين خطاباتها، ومقاصد حواراتها، أسلوب حجاجي، حوى مراتب الحجج جميعها؛ البرهانية والجدلية والخطابية، وأحياناً الشعرية، والأقيسة المنطقية جلها، وأصول الاستدلال الكلامي أغلبها. وقد صاغها الأستاذ النورسي صياغة علمية عقلية منطقية، مخاطبًا بها مدارك الإنسان جميعها، مبتغيًا بذلك إحياء الوجدان والفطرة في مكامن الإنسان، واستمالة القلوب إلى الإيمان، وإقناع العقول بحقائق الإيمان وأركانه.

مسالك الحجاج عند النورسي:

سلك الأستاذ النورسي، في محاججته لبرهنة الحقائق القرآنية، مسالك عدة، منها:

أولًا: مسلك التواصل والحوار.

ثانيًا: مسلك تأسيس الحجاج، وبرهنته.

ثالثًا: مسلك الموازنة والترجيح.

رابعًا: مسلك التفكيك والهدم، والنقد والتفنيد. 

أولًا: مسلك التواصل والحوار:

من الأمور المسلَّمة عقلًا أنه لا يتم دعوة البشرية إلى هدي القرآن إلا بالتواصل، ولا يمكن محاججة خصوم الإسلام إلا من خلال التواصل معهم. ومن هنا رأى الأستاذ النورسي ضرورة التواصل مع البشرية جمعاء، ودعوتهم إلى دين الله، استناداً على إيمانه أن حمل الإنسان للأمانة يستوجب أداءها على الوجه الذي ينبغي، بالصورة التي تنبغي، وأن استخلاف الإنسان في الأرض يقتضي استعمارها ماديًا ومعنويًا، وأن ذلك لا يتم إلا بالتواصل مع البشرية، وإقناعها بالمنهج الرباني، وإقامة الحياة على أساسه. وقد اتبع الأستاذ النورسي سنن الأنبياء – عليهم السلام – في التواصل مع البشرية، ومحاورتها، وأضاف إليها مسحة تجديدية، تتناسب ومعتقدات عصره من الفلسفة الإلحادية، والمذاهب المادية، والنفعية البرغماتية.

منهج النورسي في الحوار:

اتبع الأستاذ النورسي في محاوراته أسلوباً خطابيًا حجاجيًا، ابتغى بذلك استمالة المخاطبين إلى الحق، واستدراجهم إلى الاقتناع. ومن خلال استقراء الباحث لمحاوراته، ألفى أنه ارتكز على منهجين، هما: الأول: منهج البناء الازدواجي التفاعلي بين المتكلم والمتلقي، من حيث معرفة القصد من الحوار، وبيان العلاقة المتبادلة بين الغاية والمغيّا، أي: بين المغيّا الكامن في نص الحوار، والأدلة الموجودة فيه، والغاية المستنبطة منها.

 الثاني: منهج إحياء التواصل بين التنظير الفكري والممارسة العملية. حاول من خلال هذه المنهجية بناء جسور التواصل بين أتباع الأديان، وحثهم على التعاون في الأصول المشتركة بينها، في مواجهة الانحراف الفكري والخلقي. إذ قال: “إن أهل الإيمان والحقيقة، في زماننا هذا، ليسوا بحاجة إلى الاتفاق الخالص فيما بينهم وحده، بل مدعوون أيضاً إلى الاتفاق حتى مع الروحانيين المتدينين الحقيقيين من النصارى.. دفعاً لعدوهم المشترك المتعدي؛ لأن الكفر المطلق يشن هجوماً عنيفاً”([16]).

أنواع الحوارات في رسائل النور:

وقد حوت رسائل النور حوارات متنوعة كثيرة؛ نذكر منها:

1-      حوارات حقيقية مباشرة: وردت في رسائل النور حوارات صريحة واقعية، منها: حواره مع عدد من الشباب، بقصد تربيتهم على المنهج القرآني. وقد خاطبهم خطابًا حجاجيًا، معتمدًا على مقدمات مسلَّمة عندهم؛ كزوال شبابية العمر، والابتلاء في الحياة والهرم، ثم استنتج من تلك المقدمات نسبية السعادة، والشقاء في الدنيا، ووجود الثواب والعقاب الأبدي في الآخرة. وقد حاججهم محاججة عاطفية، مخاطبًا مشاعرهم، ووجدانهم الحي؛ ترغيبًا وترهيبًا ([17]).

2-           حوارات افتراضية غير مباشرة: منها حواره مع الشخصية المعنوية لأوروبا، فبدأ منصفًا في حواره، وذلك بتقسيم أوروبا على قسمين: قسم نافع، وآخر مفسد، فشرع ببيان محاسن القسم النافع، وإفادته للبشرية، ثم أعقب ببيان مفاسد القسم الثاني، وإظهار عيوبه، ومثالبه، ومخاطره على البشرية جمعاء. وحاججهم بأسلوبٍ هدّم به شعاراتهم، وفكك أركان حضارتهم المزيفة، ونقد مثالبها. وحاججهم بالقياس الخلف ([18])، فأثبت من خلاله فساد نظرياتهم، بتفنيد شعاراتها وقوانينها. وحاججهم بالقول بالموجب ([19])، ففنّد حضارتهم استنادًا على أصولها الفاسدة، والمضرة بالبشرية جمعاء ([20])

3-           حوارات عالمية حضارية: نشأ مفهوم الحوار الحضاري عند النورسي، من رؤيته لعالمية الخطاب القرآني، وتمخضت فكرة الحوار عنده، بصورة جلية، من معاصرته للصراعات الفكرية بين الأمم والشعوب، والصدامات الدموية الكبرى في الحربين العالميتين، اللتين أفسدتا الإنسانية، وقيمها الحضارية، ودمرتا البُنى التحتية، والمظاهر المدنية.

وقد اتخذ النورسي من الحوار الحضاري؛ بصورته الحجاجية، إرهاصًا فكريًا لترسيخ مفهوم التعايش بين البشرية جمعاء، وتنمية أواصر المحبة والتعارف الإنساني، وتأسيس نظرية التعاون الإنساني، في مواجهة نظرية (الصراع من أجل البقاء). وكانت دعوته نابعة من إيمانه بأن الغاية من استخلاف الإنسان في الأرض، هي: (الإصلاح في الأرض، وإعماره؛ معنويًا وماديًا). وهذا ما يتجلى بوضوح في قوله: “الخير هو الأصل، والشر تبعي.. والخير كلي، والشر جزئي؛ لذلك لا بد من انتصار قوة الخير على قوة الشر”([21]).

وقد اتصفت حواراته الحضارية – في إحياء المشترك الحضاري بين الشعوب، والتعايش السلمي على أساسه – بالشمولية والواقعية والمنطقية والدقة؛ لأنها كانت قائمةً على مبدأ التكامل بدل الصراع، والتعايش بدل الإقصاء، والألفة بدل البغضاء، والتعاون بدل التصادم، والتعارف بدل التعارك ([22]).

ويرى الباحث أن تلكم المحاورات المبنية على الخطاب الحجاجي، تُكوّن وحدة تنظيرية في بناء علاقات تفاعلية مبنية على الأسس المشتركة، هدفها التعاون بين البشرية على ما اتفقوا علية من المشترك الإنساني، بغية تمهيد السبيل لإنقاذها من ضلال الإلحاد والمادية النفعية. 

ثانيًا: مسلك تأسيس الحجاج، ‏ وبرهنته:

إن الهدف الرئيس من تأليف النورسي لرسائل النور، والغاية التي رام تحقيقها، هي استكناه حقائق القرآن كافةً، وتفنيد النظريات الفلسفية والمادية؛ لذا صاغها صياغة حوارية فكرية، وخطابية فلسفية، وبلاغية حجاجية. وسنتناول منهجه في بناء الاستدلال الحجاجي، من خلال محاججته العقدية الفلسفية والمنطقية العقلية، والبلاغية اللغوية:

1-                        الحجاج العقدي الفلسفي:

اتبع الأستاذ النورسي مناهج عدة في محاججته لبرهنة الحقائق الإيمانية في القرآن الكريم؛ كوجود الله ووحدانيته، منها:

أ- المنهج الحجاجي القرآني: فقد استدل بدليل العناية والغاية والاختراع، المستنبط من القرآن الكريم، في برهنة وجود معتنٍ ومخترع، خلق الكائنات لغاية. وقد اعتمد في استدلاله على البرهانين: اللمي، والإني. فأما البرهان الإني: فيقصد به الاستدلال بالأثر على المؤثِر، والحدث على المحدِث، والخلق على الخالق. وأما البرهان اللمي، فهو الاستدلال بالمؤثر على الأثر، والمحدِث على الحدث([23]).

وقد اعتمد في احتجاجه بدليل العناية، على الآيات القرآنية، والحجة الاستقرائية، والبرهان الإني، بطريقة توافقية. فاعتمد على الاستقراء في بيان وظائف الكائنات، والبيئة الملائمة لها، وتوافقها مع وجود الإنسان، وتسخيرها له، بصورة متلازمة في استدلاله بتلك الآثار، وتلك العناية، على وجود مؤثر لها، ومعتن بها، لغاية محكمة ([24]).

واستند في احتجاجه بدليل الاختراع، على الآيات التي تتناول قضية خلق الكائنات من العدم، وعلى البرهان اللمي، وعدد من الأدلة الكلامية؛ كدليلي (الحدوث والإمكان)، في برهنة وجود خالق موجد للكائنات، والظواهر الكونية جميعها ([25]).

وتعد تلك الحجج من ضمن الحجج البرهانية، التي تنطوي على مقدمات يقينية، آيلة إلى نتائج يقينية حقيقية.

ب-المنهج الحجاجي الفلسفي العقلي: اعتمد الأستاذ على الأدلة الكلامية والفلسفية بعد تجديدها، وإعادة صياغتها بما يتوافق مع هدي القرآن الكريم، واستدل بها، بوصفها حججًا جدلية ملزمة للخصم. فاحتج بالدليل (الإمكاني)، على وجوب وجود مرجح، أخرج الوجود من حيز العدم إلى حيز الوجود. في حين احتج بدليل (الحدوث) على وجود واجب الوجود، غير معلول، منزه عن التسلسل والتحول والتبدل ([26]).

واحتج بحجج أخرى كثيرة؛ منها: دليل التعاون، والاستقراء الكوني، والوجدان الحي، وبرهان التمانع، والحجج الاستقرائية والقياسية، والأقيسة المنطقية، والإعجاز العلمي والمعرفي، وغيرها من الحجج.

2-                        الحجاج المنطقي العقلي:

اعتمد الأستاذ النورسي في برهنة الحقائق الغيبية، في محاججته مع الملحدين والمستشرقين والمتغربين، على الحجج المنطقية العقلية جلها، نذكر منها على سبيل المثال:

الحجة الاستقرائية: ويقصد بها تتبع الجزئيات؛ كلها أو بعضها، للوصول إلى حكم عام يشملها جميعًا ([27]).

الحجة القياسية: ونقصد به القياس المنطقي الصحيح، وهو قول مؤلَف من قضايا، متى حصل التسليم بها، لزم عنه لذاته قول آخر ([28]).

وقد استخدمهما الأستاذ في مواضع وفيرة من رسائله، في برهنة الحقائق الغيبية؛ كوجود الله، والحاجة إلى الرسل، والإيمان بالبعث. نذكر منها: أنه احتج بالاستقراء شبه التام في تجليات مظاهر العدل في الكون والبيئة، وتوظيف الكائنات جميعها بمنتهى العدل والحكمة، على وجود خالقٍ عادلٍ للكون، ومدبرٍ أمر الكائنات بهذا التوازن. وقد استدل بأن استقراء العدل في الكون والبيئة، تستوجب – بالقياس العقلي والمنطقي – وجود البعث والعدل المطلق في الحساب ([29]).

3-الحجاج اللغوي البلاغي:    
    ونقصد به الحجاج بلغة القرآن وبلاغته وأسلوبه. إن إلمام الأستاذ النورسي بالعلوم اللغوية والبلاغية، وتعمقه في فهم الإعجاز اللغوي للقرآن، دفعه إلى سلوك مسلك الحجاج اللغوي في برهنة إسناد القرآن إلى الله تعالى، وتوكيد صفوة لغته، وتفوق أساليبه على الفنون اللغوية الوضعية، وأساليبها جميعًا. وقد اعتمد في حجاجه على أساليب القرآن، مستلهمًا منها حُججًا لغويةً برهانيةً وجدليةً، ملزمة عقلًا للاقتناع والانقياد.

واختزل الأستاذ حجاجه في برهنة إعجاز بلاغة القرآن في خمس نقاط:

1- الجزالة الخارقة في نظمه، 2- البلاغة الخارقة في معناه، 3- الفصاحة الخارقة في لفظه، 4- براعة البيان، 5- البداعة الخارقة في أسلوبه([30]).

وقد تناول الأستاذ الحجاج بإعجاز أسلوب القرآن، من أوجه عدة: 1- الإعجاز في أسلوب الإيجاز، 2- الإعجاز في أسلوب الفذلكات (الفواصل القرآنية)، 3- الإعجاز في الأسلوب القصصي، 4- الإعجاز في التشبيه والتمثيل، 5- الإعجاز في أسلوب التكرار ([31]).

وقد انبرى الأستاذ للمراحل التي تحدى القرآن فيها العرب الإتيان بمثله، مبرهنًا أن عجز العرب كلِهم، أدبائهم وحكمائهم، مجتمعين ومتفرقين، عن الإتیان بسورة واحدة، تشبه سورة قرآنية من حيث البلاغة والأسلوب والمضمون، وعدم محاولتهم، دليلٌ قطعي على أن لغة القرآن معجزةٌ خارقةٌ، بحد ذاتها، تفوق طاقتهم([32]).

ثالثًا: مسلك الموازنة والترجيح:

إن الرؤية الحجاجية للنورسي، المستلهمة من حكمة القرآن الكريم، جعلته يتنوع في محاججته للفلسفة المادية، والمذاهب الفكرية، ونظرياتها، ويخاطبها خطاباً حجاجيًا، يراعي فيها مقتضى حال المخاطبين، وأفكارهم ومعتقداتهم. فقام بإجراء موازنات حجاجية كثيرة، بناءً على استقراء لأصول معتقدات المذاهب المادية والفلسفية وأفكارها، ودراسته الفكرية الفلسفية العميقة لمآلات تلك الأفكار ونتائجها.

 وتنقسم تلك الموازنات إلى قسمين: موازنات مباشرة، وأخرى غير مباشرة:

1- الموازنات الصريحة المباشرة: قام الأستاذ النورسي بثلاث موازنات مباشرة: الأولى: الموازنة بين شقاء الفاسق، وسعادة المؤمن([33])، والثانية: الموازنة بين حكمة القرآن، والفلسفة الوضعية([34])، الثالثة: الموازنة بين الحضارة القرآنية، والمدنية الغربية ([35]).

2- الموازنات الضمنية غير المباشرة: من خلال دراسة الباحث لرسائل النور، عثر على عدة موازنات غير مباشرة، تناولها النورسي مجزأةً في مواضع شتى من رسائله. منها: الموازنة بين القيم الأخلاقية في القرآن، وقيمها في الفلسفة المادية ([36])، والموازنة بين عالمية القرآن، وعولمة الغرب ([37])، والموازنة بين عدالة التشريع الإسلامي، والقوانين الوضعية([38]).

ويرتأي الباحث أن يبين منهجه الحجاجي مجملًا في الموازنة بين الحضارة القرآنية والمدنية الغربية. فقد بيَّن الأستاذ من خلال تتبعه ودراسته للمدنية الغربية وقيمها، أن أسسها مبينة على القوة والمنفعة والصراع والعنصرية والأهواء. ثم برهن بالحجج البرهانية والجدلية والأقيسة والمنطقية، أن تلك الأسس تؤول إلى نشوب صراعات فكرية، وحروب مدمرة، وظهور الأنانية، والاستغلال المادي، والاستعباد الفكري، وتوسيع الفجوة بين الشعوب، وتقسيم البشرية إلى طبقات راقية غنية، ومتدنية جائعة، بحيث لا يمكن التعايش معاً. في حين أكد أن أسس الحضارة القرآنية قائمةٌ على الحق والفضيلة، والتعاون، والقيم الدينية، واتباع الهدي الرباني. وبرهن بالحجج الجدلية والخطابية أن تلك الأسس قائمة على مبدأ الاعتقاد والاستخلاف والتكليف، وعدها إرهاصات فكرية، ولبنات أساسية لإنشاء حضارة قائمة على مبدأ المشترك الإنساني في التعايش والتعاون والتعارف، وترسيخ الإيمان، ونبذ الجهل والإلحاد والانحراف والاستبداد والاستغلال ([39]).

رابعًا: مسلك التفكيك، والهدم والتفنيد: 

إن المنهجية الشمولية للمحاججة عند النورسي تعدت مسلك التواصل، والتأسيس، والبناء الحجاجي، إلى مسلك تفكيك حجج الخصوم، ونقدها، وتفنيد شبهاتهم واعتراضاتهم. وينقسم هذا المسلك إلى طريقتين:

الأولى: طريقة التفكيك والهدم: وتتجلّى هذه الطريقة عند النورسي في تفكيك عدّة نظريات فلسفية إلحادية؛ نذكر منها:

النظرية المادية السببية، وكان الفلاسفة يعبرون عنها: (أوجدته الأسباب)، أي إن الأسباب هي المحدِث للحوادث، وموجدة للأشياء من العدم إلى حيز الوجود. وقد قام الأستاذ بتفكيك النظرية، وهدمها، ببيان اشتمالها على ثلاث محالات داحضة لفرضية المصادفة([40]).

المحال الأول: برهن فيه استحالة نشوء الحياة من تجمع الأسباب. فاحتج عليهم بحجة برهانية، ذات مقدمة يقينية عندهم؛ وهي: بطلان واستحالة تكوين مادة حيوية مضادة للسموم من صدفة. وبيّن بالقياس العقلي المساوي أنه يستلزم من رفض عقولكم لذلك، أن ترفضوا فرضية نشوء الحياة من تجمع الأسباب بالصدفة العشوائية.

المحال الثاني: أثبت فيه استحالة إسناد خلق الأحياء إلى الأسباب استحالة مطلقة، إذ احتج بحجة جدية ملزمة لعقولهم: وهي إذا اعتقد العقل استحالة اجتماع الأسباب المتفقة والمختلفة والمتناقضة؛ فإنه يستلزم استحالة اتفاقها على الخلق بصورة معينة، وتنظيمها للحياة في المخلوقات.

المحال الثالث: احتج فيه بحجة خطابية باستحالة صدور التنظيم والإتقان من أيدٍ متعددة، وأن إنكار ذلك يستلزم منه عقلًا صدورها من الواحد الأحد القدير. وبذلك هدم مفهوم صدور التصميم والإتقان من الكثرة والتعدد، فيصيغتها عند الفلاسفة ([41])

الثانية: طريقة النقد والتفنيد:

بدا للباحث، من خلال دراسته لرسائل النور، أن منهج الأستاذ النورسي في تفنيد الطعون الموجهة إلى القرآن الكريم، يتمثل فيما يأتي:

1-     كان من منهجه برهنة حقيقة من حقائق القرآن معتمدًا على الحجج البرهانية والجدلية، وأحيانًا الخطابية، بطريقة منهجية علمية مقبولة عقلاً ومنطقاً، ثم يقوم بإيراد الشبهة المثارة حول تلك الحقيقة القرآنية، والرد عليها بحسب ما يقتضيه المقام. ولا يخفى أن إثبات الحقيقة قبل إيراد الشبهة، يجعل من الشبهة ضعيفة، بخلاف إذا ما ذكرت الشبهة أولاً ثم رُدّ عليها.

2-     الاحتكام إلى العلوم العقلية والمعرفية والمادية في برهنة عصمة القرآن والسنة، وتحقيق أصول الدين، وكشف ‏زيوف مناهج المذاهب الفكرية؛ القديمة والحديثة. إذ كان يعتمد على الفلسفة والمنطق وعلم الكلام – بعد ‏أن نقحها من الشوائب – في تفنيد النظريات المادية، وشبهات الملاحدة، واعتمد على العلوم المادية؛ كعلم ‏الفيزياء والكيمياء، في تفنيد الشبهات المثارة حولها، واعتمد على علم الأحياء في برهنة حقيقة الخلق، وتفنيد ‏النظرية الداروينية.

3-     التحاكم إلى معايير الخصوم في تفنيد مزاعمهم وشبهاتهم، مستخدماً أدلتهم في نقض طعونهم؛ إلزاماً لهم بما يعتقدون، حتى لا يدع لهم أي عذر في معاداتهم للإسلام عموماً، والقرآن الكريم خصوصاً.

4-     الرد المباشر على الشبهة أحيانًا، والاستدلال بلوازم الطعون على فسادها، جاعلاً لوازم الطعن دلالة على فساد رأي الطاعن، وذلك بإظهار القرائن اللفظية والمعنوية الدالة على سلامة الآية من الشبه. ومن تلك القرائن الاستدلال بسياق النص على بطلان الشبهة.

5-     تناول الآيات والأحاديث التي فيها اشتباه يثير التساؤل، مزيلاً إشكالها بتفسيرها بآيات وأحاديث أخرى محكمة([42]).

الخاتمة

بعد هذه القراءة الفكرية في رسائل النور، بحثاً عن الرؤية الحجاجية لبديع الزمان النورسي، توصلنا إلى نتائج عدة، منها:

1.     إن الحجاج علم خاص، يرتكز على مدلول رئيس، وهو المخاصمة والمنازعة بقصد الظفر. وإن وجه الشبه بين الحجاج والجدال هو المنازعة والمخاصمة، ويستلزم ذلك وجود طرفين بينهما سجال أو جدال.

2.      الحجاج أعم من الجدال؛ لأنه يشمل الخطاب أيضًا، فالحجاج الجدلي هو الحجاج القائم على الحجج العقلية الملزمة للخصم، يقصد منها إفحامه، والغلبة عليه، في حين أن الحجاج الخطابي مبني غالبًا على الوسائل العاطفية، يقصد منه إقناع المخاطب، واستمالة قلبه.

3.                    اتبع الأستاذ النورسي أصول علم الحجاج، وجددها، في محاججته لبرهنة الحقائق القرآنية، ونقض الفلسفة الإلحادية، والمذاهب الفكرية. إذ جمع بين الحجج القرآنية والعقلية والفلسفية والمنطقية والكلامية والعلمية، ووفق بينها، وانفرد بأساليب حجاجية، إذ اتبع مسلك التواصل والحوار، ومسلك التأسيس والبرهنة، ومسلك الموازنة والترجيح، ومسلك التفكيك والنقد.

4.                    سلك الأستاذ النورسي مبدأ التوازن والشمولية في محاججته لخصوم الدين، وجعل من رسائل النور منهجًا حجاجيًا جديدًا لإعادةِ بناءِ التوحيد على أسسٍ علمية محكمةٍ، حوت مراتبَ الحجج جميعَها؛ البرهانية والجدلية والخطابية والشعرية، والأقيسةَ المنطقية جلَها، وأصولَ الاستدلال الكلامي أغلَبها. وقد صاغها صياغة علمية عقلية منطقية، مخاطبًا بها مدارك الإنسان جميعها، مبتغيًا بذلك إحياء الوجدان والفطرة في مكامن الإنسان، واستمالة القلوب إلى الإيمان، وإقناع العقول بالحقائق الإيمانية وأركانها.إنّ قاعدة الإنصاف عند النورسي في المحاججة مع المخالفين له، اقتضت الجمع بين الاعتراف بإيجابيات المخالف، والنقد البناء لسلبياته، وتقويمها، بوضع حلول منطقية لها.


([1]) مدرس متخصص في المحجاجة الفلسفية، جامعة زاخو.

([2]) النورسي سعيد،2011م، الكلمات، ، ترجمة: إحسان قاسم الصالحي، القاهرة: دار سوزلر، الطبعة السادسة، ص:473-474.

([3]) النورسي سعيد،2011م، المكتوبات، ترجمة: إحسان قاسم الصالحي، القاهرة: دار سوزلر، الطبعة السادسة. ص:227.

([4]) ثمة كتب كثيرة صنفت في الحجاج القرآني وجدله، نذكر من القديمة منها: (كتاب المنهاج في ترتيب الحجاج) للشيخ أبي وليد الباجي (ت474ه)، أما الحديثة فكثيرة جداً، نذكر منها: (الحجاج في القرآن من خلال خصائصه وأسلوبه) للشيخ عبد الله صولة. وثمة مصنفات كثيرة حوت فصولًا في الحجاج القرآني، أشرنا إلى عدد منها في هوامش هذا المبحث.  

([5]) ابن القيم الجوزية: محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد الدمشقيّ (691 هـ -751 هـ) من علماء المسلمين في القرن الثامن الهجري، وصاحب المؤلفات العديدة. عاش في دمشق، ودرس على يد ابن تيمية الدمشقي، ولازمه قرابة 16 عاماً، وتأثر به. وسجن في قلعة دمشق، في أيام سجن ابن تيمية. من أشهر كتبه: مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين، وزاد الميعاد، وبدائع الفوائد. ينظر: الزركلي،2002م، الأعلام، بيروت: دار العلم للملايين، الطبعة الخامسة عشر، ج6، ص:56.

([6]) ابن قيم الجوزية (ت 751هـ)، (د.ت)، مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة، بيروت: دار الكتب العلمية، (د.ط)، ج1، ص:145.

([7]) ينظر: الهروي، محمد بن أحمد بن الأزهري (ت: 370هـ) 2001م، تهذيب اللغة، تحقيق: محمد عوض مرعب، بيروت: دار إحياء التراث العربي، ج3، ص:251، وابن منظور محمد بن مكرم بن علي الأنصاري (ت: 711هـ)، (د.ت) لسان العرب، تحقيق: عبد الله علي الكبير وآخران، القاهرة: دار المعارف، ج2، ص:779.

([8]) ينظر: الهروي، محمد بن أحمد بن الأزهري ،2001م، تهذيب اللغة، ج3، ص:251، والفيومي، أحمد بن محمد بن علي، (د.ت)، المصباح المنير في غريب الشـرح الكبير، بيروت: المكتبة العلمية، (د.ط)، ج1، ص:121، الزبيدي محمد بن محمد بن عبد الرزاق، (ت1205ه)، (د، ت) تاج العروس من جواهر القاموس، مجموعة من المحققين، دار الهداية، (د، ط)، ج5، ص: 464.

([9]) ذهب عدد من العلماء إلى القول بالترادف بين مصطلحي الحجاج والجدال، فعلى سبيل المثال قام الإمام الزركشـي والسيوطي بتسمية الفصل الذي عقداه لهذا العلم بـ (جدل القرآن)، وقد استخدما الألفاظ: (المحاججة) و(الحجاج) و(الاحتجاج) على أنها مرادفة للفظة (الجدل)، وتسد مسده. ينظر: الزركشـي، محمد بن عبد الله بن بهادر (ت: 794هـ)، 1376 هـ -1957 م، البرهان في علوم القرآن، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، بيروت: دار المعرفة، ودار إحياء الكتب العربية، ج2، ص:24. والسيوطي، عبد الرحمن بن أبي بكر (ت: 911هـ)، 1394هـ-1974 م، الإتقان في علوم القرآن، تحقيق: محد أبو الفضل إبراهيم، القاهر: الهيئة المصرية العامة للكتاب، ج4، ص:60.

([10]) ابن سينا هو أبو علي الحسين بن عبد الله بن الحسن بن علي بن سينا)370ه-427ه) هو فيلسوف وعالم وطبيب مسلم من بخارى، اشتهر بالطب والفلسفة، واشتغل بهما. ولد في قرية (أفشنة) (في أوزبكستان حالياً) عُرف باسم الشيخ الرئيس، وسماه الغربيون بأمير الأطباء، وأبو الطب الحديث في العصور الوسطى. وقد ألّف 200 كتاباً في مواضيع مختلفة، العديد منها يركّز على الفلسفة والطب. ويعد ابن سينا من أول من كتب عن الطبّ في العالم. وأشهر أعماله كتاب (القانون في الطب)، الذي ظل يدرس لسبعة قرون متوالية في أوروبا، وعدّ المرجع الرئيس في علم الطب، وظل كتابه هذا العمدة في تعليم هذا الفنِّ حتى أواسط القرن السابع عشـر، وله إسهامات في الأدب العربي، وله قصيدة مشهورة في النفس. ينظر: البعلبكي، منير،1992م، معجم أعلام المورد، بيروت: دار الملايين، ص:27.

([11]) ابن سينا،1385ه، الشفاء (كتاب الجدل)، القاهرة: مطابع الأميرية، (د.ط)، ج1، ص: 23.

([12]) ينظر: عبدلله صولة، 2006، الحجاج في القرآن من خلال أهم خصائصه الأسلوبية، بيروت: دار الفارابي، الطبعة الثانية، ص:17.  

([13]) طه عبد الرحمن: ولد سنة 1944م، هو فيلسوف مغربي، متخصص في المنطق وفلسفة اللغة والأخلاق. ويعد أحد أبرز الفلاسفة والمفكرين في مجال التداول الإسلامي العربي، منذ بداية السبعينيات من القرن العشرين. حصل على الإجازة في الفلسفة، واستكمل دراسته بـجامعة السوربون، حيث حصل منها على إجازة ثانية في الفلسفة ودكتوراه السلك الثالث عام 1972، برسالة في موضوع اللغة والفلسفة: رسالة في البنيات اللغوية لمبحث الوجود، ثم دكتوراه الدولة عام 1985، عن أطروحته: رسالة في الاستدلال الحِجَاجي والطبيعي ونماذجه. وله نتاج علمي وفير، نذكر منه باللغة الفرنسية والعربية: صنف باللغة الفرنسية كتابين، هما: اللغة والفلسفة. رسالة في البنيات اللغوية لمبحث الوجود، ورسالة في منطق الاستدلال الحجاجي والطبيعي ونماذجه. وألف باللغة العربية كتباً كثيرة، منها: كتاب (في أصول الحوار وتجديد علم الكلام)، وكان كتاب (بُؤس الدَّهْرانية. في النقد الائتماني لفصل الأخلاق عن الدين) آخر إصدار له في سنة 2014.

http://ar.wikipedia.org

([14]) د. طه عبد الرحمن،1998م، لسان الميزان أو التكوثر العقلي، المغرب: المركز الثقافي العربي، ص:226.

([15]) د. طه عبد الرحمن،2000م، في أصول الحوار وتجديد علم الكلام، المغرب: المركز الثقافي العربي، الطبعة الثانية، ص: 65.

([16]) النورسي، سعيد،2011م، الملاحق، ترجمة: إحسان قاسم الصالحي، القاهرة: دار سوزلر، الطبعة السادسة، ص:283.

([17]) ينظر: النورسي، سعيد،2011م، الملاحق، ص:165-168.

([18]) قياس الخلف: هو القياس الذي تبين فيه المطلوب من جهة تكذيب نقيضه. أبو زهرة محمد بن أحمد،1980م، تاريخ الجدل، بيروت: دار الفكر العربي، الطبعة الثانية، ص:66.

([19]) القول بالموجب: هو رد دعوى الخصم من خلال كلامه وأصول احتجاجه. ينظر: التومي، محمد، (د.ت) الجدل في القرآن فعاليته في بناء العقلية الإسلامية، الجزائر: شركة الشهاب، (د.ط):256.

([20]) ينظر: النورسي، سعيد،2011م، اللمعات، ترجمة: إحسان قاسم الصالحي، القاهرة: دار سوزلر، الطبعة السادسة، ص:162-169.

([21]) ينظر: النورسي، سعيد،2011م، اللمعات، ص: 162-164، والنورسي، سعيد،2011م، صيقل الإسلام، ترجمة: إحسان قاسم الصالحي، القاهرة: دار سوزلر، الطبعة السادسة، ص: 48، والنورسي، سعيد،2011م، الملاحق، ص:283.

([22]) النورسي، سعيد،2011م، الكلمات، ص:143.

([23]) ينظر: النورسي سعيد،2011م، إشارات الإعجاز في مظان الإيجاز، تحقيق: إحسان قاسم الصالحي، القاهرة: دار سوزلر، الطبعة السادسة، ص: 146.

([24]) النورسي سعيد،2011، المثنوي العربي النوري، تحقيق: إحسان قاسم الصالحي، القاهرة: دار سوزلر، الطبعة السادسة.   ص:418، والنورسي سعيد،2011، صيقل الإسلام، ترجمة: إحسان قاسم الصالحي، القاهرة: دار سوزلر، الطبعة السادسة، ص:115.

([25]) النورسي سعيد،2011، صيقل الإسلام، ص:114.

([26]) ينظر: النورسي سعيد،2011م، إشارات الإعجاز في مظان الإيجاز، ص: 146-147.

([27]) الميداني، عبد الرحمن حسن، 1414ه-1993م، ضوابط المعرفة وأصول ‏الاستدلال والمناظرة، دمشق: دار القلم، الطبعة الرابعة، ص:189.

([28]) المصدر نفسه، ص:228

([29]) ينظر: النورسي سعيد ،2011، الكلمات، ص:611، والنورسي سعيد،2011م، اللمعات، ص:476، والنورسي سعيد ،2011، الشعاعات، ترجمة: إحسان قاسم الصالحي، القاهرة: دار سوزلر، الطبعة السادسة، ص:161، 173.

([30] ) ينظر: النورسي سعيد،2011م، الكلمات، ص:426-437.

([31]) ينظر: لنورسي سعيد،2011، الكلمات، ص:478، والنورسي سعيد،2011، المكتوبات، ص:251، 395   والنورسي سعيد،2011، إشارات الإعجاز في مضان الإيجاز، ص:112، 235.

([32]) ينظر: النورسي سعيد،2011 المكتوبات، ص:227.

([33]) ينظر: النورسي سعيد،2011م، الكلمات، ص: 35-37.

([34]) ينظر: المصدر نفسه، ص:139-144.

([35]) ينظر: المصدر نفسه، ص:840 – 844. ‏

([36]) ينظر: النورسي سعيد،2011م، اللمعات، ص: 163-167، والنورسي سعيد،2011م، الكلمات، ص:848.

([37]) ينظر: النورسي سعيد، 2011م، الكلمات، ص:265-266، والنورسي سعيد، 2011م، صيقل الإسلام، ص:336.

([38]) ينظر: النورسي سعيد، 2011م، الكلمات، ص:469، 471، 869، والنورسي سعيد، 2011م، المكتوبات، ص:49، 340.

([39]) ينظر: النورسي سعيد،2011م، الكلمات، ص:840 – 844. ‏

([40]) ينظر: النورسي سعيد،2011 اللمعات، ص:247.

([41]) ينظر: النورسي سعيد،2011 اللمعات، ص:248-250.

([42]) ينظر: النورسي سعيد،2011، الكلمات، ص:689-692، والنورسي سعيد،2011، المكتوبات، ص:49، والنورسي سعيد،2011، اللمعات، ص:100-104، 153-155، 226، والنورسي سعيد،2011، إشارات الإعجاز في مظان الإيجاز، ص: 170-175.

العدد ١٨٦ ǀ شتاء ٢٠٢٣ ǀ السنة الحادية والعشرون

تقييم المستخدمون: كن أول المصوتون !

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى